كتابات وآراء


الأربعاء - 26 سبتمبر 2018 - الساعة 06:27 ص

كُتب بواسطة : أ / علي قابل - ارشيف الكاتب




ها نحن نراه،سبتمبر العجوز يأتي بخطى متثاقلة متعثرة، يحمل جرابه القديم المهترئ على ظهره ،على ملامحه غدر السنين وتجاعيد الحزن الأليم ، وفي تقاسيمه يمتزج الضعف بالحيرة والضياع بالذهول ....

ينتظر الجميع اقترابه،
يصطف الجميع في طوابير طويلة، صغار وكبار،ذكورا و إناث..

ولكنهم ليسوا سعداء ،ولا يبدوا من هيئة اصطفافهم أنهم أتوا مرحبين ،يغنون ويرقصون كما هي عادتهم في السنين الغابرة..
ربما هم لم يعودوا يملكون الفرح ولا حتى الشغف..

لا يملكون سوا الألم وبقايا دموع ادخروها حتى يأتي سبتمبرهم العظيم الذي وعدهم يوما ما بالخلاص..
ولم يأتي ذلك اليوم..!

حضر الأطفال لإستقباله بأطراف مبتورة وطفولة مذبوحة يحملون بقايا أشلاء رفقائهم المنثورة..

حضر الجميع شاكيا ،غاضبا،باكيا، حاملا مصائبه على يديه..

كان الجميع في السابق يحضرون بأحلامهم وآمالهم ولكنهم اليوم حضروا بآلامهم فقط ..!

بلا آمال وبلا أحلام..!

سبتمبر العظيم ،
مالك غدوت هكذا كهلا هزيلا تجر خطاك جرا..؟

انتظرناك شمس محرقة تقتل بكتريا الماضي وفايروسات الظلام..

ستون عاما ونحن نحضر في الموعد ولكن روحك لم تحضر..

ستون عام ونحن نسمع الوعود ولا نراها...

ستون عاما ونحن نسمع عن عدلك ووعدك وانك خلقت من أجلنا من أجل أحلامنا المبتورة وامانينا المشوهة..

ستون عاما من حين اخبرونا انك ستأتي بالمستقبل الذي ننشده والحياة التي نطمح إليها..

ستون عاما ونحن على قائمة الإنتظار ننتظر أن تقلع بنا إلى حيث يجب أن نكون...

ماذا حصل؟
وكيف حصل؟

مازالت الكهرباء لم تأتي..
والماء لم يجري...

مازال الأمن مفقود، وحاكم الأمس موجود...

مازال الجبابرة حاضرة، والحياة مدبرة..

مازال الوضع على ماهو عليه منذ القدم، لم نرى الانفراج إلا في حياة المبشرين بك والمطبلين لك..

أما حياتنا فهي بنفس القتامة السابقة والحسرة اللاحقة..

ابدا لم نكفر بك كما كفروا ولكننا ندفع ثمن إيماننا بك دماء وحياة..
وهم يدفعون ثمن كفرهم بك رخاء وسؤدد..

ابدا لم نخنك كما خانوك رغم أننا نعامل معاملة الخونة وخائنوك يعاملون معاملة الأبطال..

نعلم جيدا أنك فكرة طاهرة ولكنها مغتصبة يظهر سياط جلدها وذلها على ملامح حياتنا اليومية..

سبتمبر العظيم...
نحن جيل ولدنا ونحن نسمع عنك ولم نرك..
والآن نحن كهول مازلنا نسمع عنك ولم نرك..!
كل مارأيناه سوا غزو الطوابير في حياتنا..

من أجل الماء..
من أجل الغذاء..
من أجل الصحة..
من أجل الكهرباء..
من أجل التعليم..
من أجل الصراع على الفتات..
من أجل الرحييييل..
من أجل الموت..

ونحن مازلنا ننتظر في طوابير طويلة أن تحضر يامن لا تحضر..

سبتمبر كن شجاع واحضر ف بحضورك تتساقط أقنعة، وتخرس ألسن، وتقلع أنياب،
و تستيقظ آمال ..