كتابات وآراء


الثلاثاء - 16 أكتوبر 2018 - الساعة 12:07 ص

كُتب بواسطة : أ / علي قابل - ارشيف الكاتب




لم تورث الأنظمة المتعاقبة ميراثا يتشاركه الجميع سوا الجهل..

الجهل .. هو من حكمت وسادت به الأنظمة ، وهو من استغله غيرها في الفوران عليها، وهو من احرقها وقتلها شر قتلة...

الجهل .. الذي تثيره العاطفة، وتوجهه الدعاية، ويستغله المفلس..

ثورات قامت تطالب بالعدالة والحقوق الضائعة، وفي طريقها أحرقت ودمرت وقتلت..!

*اختطف الجهل قيمها ففرغها من عدالتها، ونجاعتها، وتركها مجرد آلة تعيد تدوير الطغاة والفسدة وتداوي نفسها بنفس الداء التي ثارت عليه....!*

الجهل ..هو من أورث التوهان والفوضى في صفوف الجماهير فجعلها تتحول من فرسان جامحة تسعى لتأصيل العدالة والنظام واحقاق الحقوق، إلى مطية يركبها الجهوي والمناطقي والفاسد للوصول للسلطة التي لا أمل ولا فرصة له إلا عبرها...!

الجهل.. الذي اطفئت رعونة النهايات به، جذوة البدايات التي كانت ستكون منطقية عادلة تنير حياة الجميع بلا إقصاء أو تهميش..!

- كل الثورات يشعلها المتعلمون ويدفع ثمنها أيضا المتعلمون الذين ايقظهم الحلم وجمعتهم الفكرة ولكن سرعان ما يعصف بهم طوفان الجهل بلا رحمة ولا هوادة ليسحبهم إلى دوامة هائلة تبتلع كل شيء، وتشوه كل شيء، حتى إذا ما هدء الطوفان أصبح كل شيء مقلوب، محرفا، القاتل فيه هو المقتول، والجاني فيه هو المجني عليه، والغاصب الفاسد هو الثائر، والثائر هو الطاغية، والوطني هو الخائن، والخائن هو الوطني...!!!
مستغلا الجهل لتسويق الواقع الجديد الذي تقبله وتتقبله الشعوب دون امتعاض ولا حتى أدنى اعتراض..

الجهل الذي يجعل الناس تثور على كسرة خبز ولا تثور على كسر الكرامة، وإذا ما رميت لها الكسرة* (بكسر الكاف) *نست الكسرة*(بفتح الكاف)..!!

*بالجهل يسقط الطاغية ليصعد الف طاغية، ويسلب الفاسد ليمكن الف فاسد، ويقتل الظالم ليعيش الف ظالم..!!!*

به يختزل الشيطان في شخص لا فكرة وفي شعار لا بيئة..!!

في كل الدول التي تفجرت ثورات واسقطت أنظمة، حصرت الشعوب الشر في شخص الحاكم فذبحته ولم تحاكمه ليموت الشرير ويبقى الشر المستشري في كل الحياة ولو أنها حاكمته لأوقفته ودمرة ماكنة إنتاجه التي تستغفلها في كل مرة..

- لا يمكن أن تنجح ثورة مالم تستهدف الجهل أولا حتى لا تطعن في الخلف ويستطيع تسلقها آلاف الفسدة لفقئ عينيها وابدالها بعينين مصطنعتين لا ترى الحقيقة كما هي ولا تسعى للإصلاح كما هو..*

الجهل لا يصنع حرية، ولا يصنع عدالة، ولا يصنع حضارة

لذا يبقى الحال على ماهو عليه حتى تثور الناس على الجهل لتستطيع صناعة غدها كما يجب، لا كما تحب وتعتقد.