شئون دولية

السبت - 12 أكتوبر 2019 - الساعة 04:31 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات

في تطور مفاجئ الأحد الماضي، أعلنت إدارة ترامب موافقتها على توغل تركي في شمال شرق سوريا، العملية التي تنطوي على صدامات مع حلفاء واشنطن من الأكراد في المنطقة. وجاء في الإعلان، أن الجيش الأمريكي الذي ينشر قرابة ألف جندي في سوريا، لن" يدعم العملية، ولن يشارك فيها". وقال البيت الأبيض إنه سيسحب قوات أمريكية متمركزة قريباً من الحدود لإفساح المجال أمام قوات أنقرة.
تراجعت محاولات خلع الأسد عبر وكلاء إسلاميين من أجل التركيز على منع أكراد سوريا من إنشاء منطقة حكم ذاتي ويشيرغول تول، مدير مركز الدراسات التركية لدى معهد الشرق الأوسط، إلى أن السياسة التركية في سوريا تركزت، منذ أعوام على طموحات أردوغان، لتعزيز سلطة الرجل الأوحد في تركيا.
ولفت في موقع "فورين أفيرز"، إلى دعم تركيا متمردين إسلاميين حاربوا دمشق عندما كان ذلك مفيداً لتعزيز مؤهلات أردوغان الإسلامية داخل بلده. وبعد تراجع الدعم الانتخابي اضطر أردوغان للتحالف مع حزب معارض للأكراد، وحول أنظاره نحو محاربة قوات كردية في سوريا.
ورغم أن هذا الهداف لا يزال قائماً، إلا أن هاجساً آخر يتفوق عليه في الإلحاح، التخلص من ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا إلى تركيا منذ أعوام، وأصبحوا اليوم يشكلون عبئاَ على أردوغان. ورغم أن التوغل التركي لن يحل جميع تلك المشاكل، إلا أن أردوغان مصمم على المحاولة.
تحول دراماتيكي
ويشير كاتب المقال إلى تحول دراماتيكي طرأ على خطط تركيا في سوريا بعد اندلاع الحرب الأهلية في 2011. فعندما كان أردوغان يحقق "إنجازات" داخل وطنه، خرج الشعب السوري إلى شوارع دمشق احتجاجاً على نظام الرئيس بشار الأسد.
كانت المعارضة العلمانية ضعيفة، لذلك أطلق أردوغان مشروعاً لأسلمة النظام التعليمي هناك. ووفر الصراع عبر الحدود في سوريا فرصة لتوسيع أجندته خارج تركيا.
وخلال بضعة أشهر، تخلت الحكومة التركية عن الأسد، بعدما كان شريكاً مقرباً، وبدأت في تسليح متمردين إسلاميين لمحاربة دمشق. وسرعان ما تحولت تركيا إلى محور للمعارضة السورية في المنفى، وقناة لتدفق عدد كبير من المقاتلين الجهاديين الأجانب إلى سوريا.
وفي نهاية المطاف، غضت أنقره الطرف عن عناصر من داعش دخلوا سوريا وغادروها، وحصلوا على العلاج أحياناً في مستشفياتها. وفي الوقت نفسه، فتحت تركيا حدودها أمام ملايين اللاجئين الفارين من القتال، وبنت مخيمات كبرى لاحتضان قادمين جدد.
كانت تلك لفتة مكلفة، لكن أردوغان زعم أنها شكل من "التعاطف السني، والتضامن في مواجهة وحشية نظام الأسد". ولامست تلك الرواية وتراً عند الشعب التركي، وكبتت نوعاَ ما معارضة تدفق اللاجئين. فاستضافت تركيا 3.6 ملايين لاجئ سوري.
كثرة مقاتلين
ولكن القتال في سوريا، لم يضم متمردين إسلاميين وحسب، بل عدة ميليشيات كردية أخرى، ليحمل ذلك أنباءً سيئةً لأردوغان.
ويشير الكاتب، إلى خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم في 2015، أغلبيته البرلمانية، لأول مرة منذ أكثر من عقد، ويرجع ذلك جزئياً إلى النجاح غير المفاجئ لحزب الأقلية الكردية في تركيا.
وليتمسك بالسلطة، تحالف أردوغان مع حزب يميني متشدد من المعارضة عُرف بمعاداته الشديدة للقومية الكردية، فانتهت فجأة عملية سلام دامت أعواماً مع مسلحين أكراد في جنوب شرق تركيا.
وبعدها تحولت أولويات أردوغان في سوريا، فصممت أنقره على إفشال جهود كردية لإقامة حكم ذاتي في المنطقة يمتد من جنوب شرق تركيا إلى شمال سوريا.
وتراجعت محاولات خلع الأسد عبر الوكلاء الإسلاميين، للتركيز على منع أكراد سوريا من إنشاء منطقة حكم ذاتي على امتداد الحدود مع تركيا.
هواجس محلية
وحسب كاتب المقال، فيما تزامنت هواجس أردوغان المحلية من الأكراد مع تحول في أهدافه في سوريا، نشأت مخاوف داخلية من اللاجئين. وشعر الرئيس التركي بأن سياسة الباب المفتوح تحولت إلى التزام داخلي، أفقد حزبه الهيمنة على معظم المدن الكبرى في الانتخابات البلدية في ربيع 2019، بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، واستياء الرأي العام أيضاً من 3.6 ملايين لاجئ سوري لا يزالون في البلاد.
وبعد أن نصب نفسه يوماً حامياً للسنة، يريد اليوم أردوغان إعادة اللاجئين إلى وطنهم. وأطلقت السلطات التركية عمليات اعتقال وبحث عن لاجئين سوريين، ويقال إنها رحل بعضهم إلى إدلب حتى مع اشتداد القتال.
استحالة
وفي رأي الكاتب، يكاد يكون من المستحيل إجبار مئات الآلاف وربما الملايين، على العودة إلى منطقة حرب، لكن أردوغان يظن عكس ذلك، وعرض في خطاب ألقاه أخيراً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حل المشكلة بإنشاء منطقة فاصلة واسعة على الحدود مع تركيا، طولها 480 كيلومتراً وعرضها 36 كيلومتراً، لإسكان ما بين 2 و3 ملايين لاجئ، وتخليص أنقره من صداع محلي كبير.
ودعا أردوغان المجتمع الدولي لتمويل خطته لبناء 200 ألف مسكن، ومستشفيات، وملاعب رياضية، ومساجد، ومدارس في المنطقة الفاصلة، شمال سوريا، قبل أن يهدد أوروبا أخيراً" بفتح البوابات" أمام أزمة لاجئين أخرى إذا لم يحصل على تمويل ضروري لتنفيذ مشروعه.