وكالات

السبت - 19 أكتوبر 2019 - الساعة 10:02 ص بتوقيت اليمن ،،،

وك

بغض النظر عن مصادقة البرلمان على الاتفاق أو رفضه مجددا فإن بريطانيا تسير نحو الأسوأ، مهما كان سيناريو الانفصال الذي ستكون تداعياته مؤلمة أكثر في حال الطلاق دون اتفاق.

وبتقديمه لاتفاق الانفصال الجديد على أنه ” انتصار عظيم”، يطمح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى تحقيق اختراق داخل مجلس العموم (البرلمان) لتوفير أغلبية برلمانية منشودة في ظل فقدانه لها، بعد إعلان شريكه في الحكم الحزب الوحدوي الأيرلندي الشمالي رفضه لنص الاتفاق المعدل. ولم يعد لديه سوى 288 نائبا في وقت يحتاج فيه إلى 320 صوتا لتمرير الاتفاق.

ورغم صغر حجمه، غير أن موافقة هذا الحزب، الممثل بـ10 نواب، مهمة من جهة، لأن جونسون لا يملك الأغلبية، ومن جهة ثانية لأن مجموعة المؤيدين المتشددين لبريكست داخل حزب المحافظين، وهم نحو خمسين نائبا، اشترطوا موافقة هذا الحزب على التصويت لصالح الاتفاق.

ويحتاج جونسون في هذه الحالة إلى دعم نواب من أحزب المعارضة وعلى رأسهم حزب العمال، أو دعم النواب المحافظين الذين طردهم من الحزب عقب رفضهم المصادقة على الاتفاق القديم.

وكانت الترتيبات الخاصة بمقاطعة أيرلندا  الشمالية المعضلة الأكبر في الاتفاق الجديد، وجوهر ما تغيّر عن اتفاق الانفصال العام الماضي، والذي رفضه النواب البريطانيون.

بغض النظر عن مصادقة البرلمان على الاتفاق أو رفضه مجددا فإن بريطانيا تسير نحو الأسوأ أيّا كان اتفاق الانفصال

وينص الاتفاق الجديد على أن تبقى أيرلندا الشمالية ضمن المنطقة الجمركية البريطانية، لكن من الناحية العملية سيكون هناك نوع من الحدود الجمركية بين المقاطعة البريطانية والبرّ الرئيسي.

وهذا يعود إلى تطبيق نظام مزدوج تخضع بموجبه السلع التي تصل وتبقى في أيرلندا الشمالية من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، مثل الولايات المتحدة، لقوانين الجمارك البريطانية، فيما التي تدخل الاتحاد الأوروبي عبر أيرلندا فإنها تخضع لنظام الاتحاد الأوروبي.

وستواصل أيرلندا الشمالية تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي في عدد محدد من المعايير، من أجل أن تعبر المواد الغذائية والحيوانات والسلع الصناعية المسموح بها، بسهولة أكبر من وإلى أيرلندا.

وتسند إلى السلطات البريطانية مهمة عمليات التدقيق. لكن يحق للاتحاد الأوروبي أن يتواجد مسؤولوه أيضا لضمان تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي.

وتبدو حظوظ رئيس الوزراء المغمور في تمرير الاتفاق صعبة، على الرغم من تلميح حزب العمال إلى إمكانية دعم الاتفاق في البرلمان، كصفقة اللحظات الأخيرة، مقابل إجراء استفتاء ثان بشأن الانسحاب، وهو ما لا يقبل به الأخير، إذ يؤيد إجراءات انتخابات تشريعية مبكرة.

و نجح جونسون في حين فشل سلفه تيريزا ماي ، بعد تمكنه من انتزاع تنازلات من بروكسل بشأن الاتفاق الجديد، قيل الكثير عن أسبابها، بما في ذلك ابتزاز جونسون للاتحاد الأوروبي وتهديده بتخريب ميزانيته للخمسة أعوام القادمة ما لم يدخل تعديلات طلبها على نص الاتفاق.

ويكافح زعماء الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن موازنة طويلة الأجل للتكتل، وسط حالة من عدم التوافق بشأن كيفية مواجهة العجز في التمويل المرتبط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ماذا لو رفض الاتفاق الجديد؟







يمكن لرئيس الوزراء طلب تمديد بريكست من الاتحاد الأوروبي وفقا للقانون الذي وضعه البرلمان البريطاني، وهو أمر من المرجح أن تقبله بروكسل نظرا إلى رغبتها في تجنب الاضطرابات الاقتصادية المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكن هذا سيأتي بثمن سياسي كبير لرئيس وزراء وعد بأن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد في 31 أكتوبر بصفقة أو دونها.

في هذا السيناريو، وبعد مطالبة الاتحاد الأوروبي بتمديد المهلة، قد يطلب جونسون من مجلس العموم أن يستعد لإجراء انتخابات عامة لكسر العائق الذي يشكله البرلمان، كما يمكن أن يقرر جونسون الاستقالة لتجنب مطالبة الاتحاد الأوروبي بالتمديد، وهو ما رفضه في وقت سابق، لكن في حالة الاستجابة سيجبر هذا مجلس العموم على تعيين بديل.

وفي هذا السيناريو، من المحتمل أن يقود رئيس الوزراء المعيّن حكومة لفترة قصيرة لتحقيق هدفين أساسيين هما؛ مطالبة الاتحاد الأوروبي بتمديد المهلة المحددة، وتنظيم انتخابات عامة.

وإذا لم يرد جونسون أن يستقيل ورفض طلب مهلة تمديد ستتصاعد الأزمة السياسية البريطانية، حيث يمكن للمحكمة العليا البريطانية أن تجبر جونسون على مطالبة الاتحاد الأوروبي بتأخير الموعد، لكن سرعتها غير واضحة. كما يمكن أن تتحرك المعارضة لحجب الثقة عن رئيس الوزراء. إذا سحبت الثقة، فسيكون أمام البرلمان 14 يوما لتعيين بديل لجونسون. وإذا لم يتم العثور على بديل، فستتحول البلاد نحو الانتخابات العامة.

على الرغم من فشل المعارضة في تحديد مرشح لمنصب رئيس الوزراء تؤيّده جميع أجزائها، يمكن أن يضع خصوم جونسون خلافاتهم جانبا في مثل هذا السيناريو، ويمكن أن يجتمعوا للاتفاق على رئيس وزراء جديد سيطلب التمديد من بروكسل.

في هذا السيناريو، سيبدأ الاستعداد للانتخابات العامة، حيث لن تجتمع المعارضة سوى لتجنب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة. كما يمكن لجونسون أن يدفع نحو التحرك لحجب الثقة عنه على أمل أن يخسر معارضوه حتى تنتقل البلاد إلى انتخابات يمكن أن يفوز بها.

لكن، قد تؤدي الانتخابات العامة إلى تشكيل حكومة تختلف أهدافها عن تلك التي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيقها. سيبني حزب المحافظين حملة على وعود إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأي ثمن، إذ سيسعى جونسون لاستعادة الناخبين الذين توجهوا إلى حزب بريكست الذي يتزعمه نايجل فاراج. كما يتوقع المحللون أن يبني جونسون حملته على برنامج شعبوي يتهم الاتحاد الأوروبي والمعارضة بعرقلة إرادة الشعب وخيانة نتيجة استفتاء بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، الذي مثّل نقطة انطلاق العملية بأكملها. ومن المتوقع أن يجد حزب العمال صعوبة في تشكيل رسالة متماسكة، حيث تريد بعض أطرافه التفاوض على صفقة مع الاتحاد الأوروبي، بينما تريد أخرى عقد استفتاء آخر لدراسة رأي البريطانيين الجديد المتعلق بخروج بلادهم من الاتحاد.

في هذا السيناريو، ستكون الانتخابات مهمة لأن الناخبين سيعينون حكومة مطالبة بالتفاوض على العلاقات الاقتصادية والسياسية المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي.

أما إذا طلب التمديد، فسيتم تأجيل خروج بريطانيا دون صفقة لبضعة أشهر. و من المرجح أن يمنح الاتحاد الأوروبي تمديدا يمكّن من إجراء الانتخابات العامة على أمل أن يؤدي ذلك إلى تشكيل حكومة بريطانية جديدة أكثر استعدادا لعقد صفقة، أو حكومة تريد تنظيم استفتاء خروج آخر، أو حتى حكومة تقرر البقاء في الاتحاد الأوروبي.

المصادقة على بريكست







إذا نجح جونسون في إقناع البرلمان وحقق خروجا منظما بحلول 31 أكتوبر، فستجرى انتخابات جديدة في أواخر سنة 2019 أو مطلع سنة 2020 في جو يسوده الهدوء الاقتصادي والسياسي، حيث ستبقى المملكة المتحدة في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي خلال فترة انتقالية ستمتد إلى ديسمبر 2020، ولن يشهد المواطنون والشركات في المملكة المتحدة كارثة اقتصادية.

وتشكلت لدى المواطن البريطاني قناعة جاءت متأخرة بتداعيات بريكست “المؤلمة”، التي ستطال مختلف جوانب الحياة اليومية، حيث سيخفف انسحاب البلاد من التكتل الأوروبي، وفقا للاتفاق، من وطأة هذه التداعيات، لكن خبراء اقتصاديون يؤكدون أن المملكة المتحدة تسير نحو الأسوأ مهما كان اتفاق الانفصال.

وتتوقع السيناريوهات الأكثر تشاؤما بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، والتي تستند دائما إلى رؤى وتصورات غير محددة، توقفا لرحلات نقل الركاب، وطوابير هائلة عند نقاط الجمارك، ومواجهة الشركات لعراقيل بسبب الفوضى البيروقراطية.

وبخلاف ذلك، فإن قواعد الاتحاد الأوروبي لن تكون بعد ذلك قابلة للتطبيق في بريطانيا، التي سوف تنسحب من ترتيبات مشتركة مثل قواعد الملاحة الجوية المشتركة أو الصفقات التجارية مع دولة ثالثة.

ويمكن أن يواجه المواطنون البريطانيون الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي ومواطنو الاتحاد في بريطانيا حالة من عدم اليقين بشأن أوضاعهم.