شئون دولية

الإثنين - 20 يناير 2020 - الساعة 12:26 م بتوقيت اليمن ،،،

طهران

للمرة الأولى منذ 8 سنوات، أمَّ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي المصلين في صلاة الجمعة، مثيرا تساؤلات حول الرسائل التي أراد بعثها.

وتأتي الخطبة بعد أسبوعين حافلين بالأحداث والتطورات السياسية، إذ تشهد إيران أزمات داخلية وخارجية عقب إسقاط الطائرة الأوكرانية ومقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.

وقال خامنئي في خطبة الجمعة 17 يناير/كانون الثاني، إن الرد الصاروخي الإيراني على اغتيال سليماني "كسر شوكة واشنطن واستكبارها".

كما وصف المرشد الإيراني المحتجين على إسقاط الطائرة الأوكرانية ومنتقدي الحرس الثوري بأنهم " أداة لإعلام العدو الخارجي" الذي اتهمه بـ "استغلال الحادث لتأليب الشارع الإيراني والتغطية على حبه لسليماني وانحيازه لخط المقاومة".

بينما وصف من شاركوا في تشييع جثمان قاسم سليماني بـ "أبناء الشعب".




وألقى خامنئي خطبة ثانية باللغة العربية، تحدث فيها عن متانة العلاقة بين العراق وإيران، مضيفا بأن "مصير المنطقة متعلق بالتحرر من الهيمنة الأمريكية".

وفي تغريدة ترد على خطبة المرشد، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خامنئي إلى أن يزن كلامه بحذر قبل أن يقول أشياء تحط من قدر الولايات المتحدة وأوروبا.

وختم ترامب تغريدته بوصف الاقتصاد الإيراني بأنه ينهار ثم أتبعها بتغريدة باللغة الفارسية يعبر فيها عن تضامن الأمريكيين مع الشعب الإيراني.



رسائل ودلالات

شغلت خطبة خامنئي ورد ترامب رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إيران وخارجها. وانبرى محللون ومدونون في تقديم قراءتهم في مضامين وأبعاد الخطبة.




ويرى مغردون أن هدف خامنئي من اعتلاء المنبر بعد أكثر من 8 سنوات من الانقطاع عن الخطابة هو التأكيد على تماسك الجبهة الداخلية واحتواء الاحتجاجات الشعبية التي خرجت للتنديد بإسقاط الطائرة الأوكرانية.




ويعتقد محللون أن المرشد الأعلى أراد أيضا توجيه رسالة للحرس الثوري ورفع معنويات قادته خاصة بعد خروج تظاهرات تحمل "شعارات مناوئة لهم على إثر تحطيم الطائرة الأوكرانية".

وكان خامنئي قد شدد في خطبته على أن "الحرس الثوري يحمي أمن إيران".

ويقول قطاع آخر من المغردين إن خامنئي حاول استقطاب الناس للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة في 21 شباط/فبراير المقبل، في وقت يطالب فيه إيرانيون باستفتاء عام لتقرير مصير "الجمهورية الإسلامية".




كما يرى محللون أن خطبة خامنئي نجحت في تبديد مخاوف شريحة واسعة الإيرانيين من خلال "التركيز على التهديد الأمريكي وتوظيف العاطفة الدينية". ويقرأون في "الحشود التي حضرت خطبة الجمعة دليلا على قوة النظام الإيراني".




في المقابل، يرى مغردون إيرانيون أن خطبة خامنئي لم تأت بجديد، مضيفين بأنها "مجرد استعراض فارغ للقوة".

وتحدثوا أيضا عن قيود أمنية تفرضها حكومة على معارضيها، قائلين إن "حضور الحشود في جنازة سليماني لا يعد مؤشرا على شعبية الحكومة".

وكتب عباس ميلاني مدير مركز الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد الأمريكية " لقد كرر خامنئي الشعارات الجوفاء والمؤذية التي استخدمها في خطبه التاريخية السابقة. الفرق هذه المرة أنه ناشد الشعب بأن يكون صبورا".

في حين نشر الدبلوماسي السابق، أمير موسوي، صورة من خطبة خامنئي وعلق عليها: "هذه بيعة جديدة من الشعب الإيراني لقيادته".

هل كشفت الخطبة عن خلاف؟

من جهة أخرى، تداول إيرانيون مقطع فيديو قالوا إنه "يظهر الرئيس حسن روحاني وهو يتعجل الخروج من المسجد قبل أن يفرغ خامنئي من صلاته".

ويعتقد مغردون إيرانيون أن روحاني كان غاضبا لأن خامنئي أبدى رأيا متشددا ضد الولايات المتحدة والدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي مع بلاده.

كما تحدثت تدوينات أخرى عن أن روحاني كان مستاء من قصيدة ألقاها أحد الحضور قبل الخطبة وتقول أبياتها إن "انتخاب روحاني كان خطأ أفسد الثورة".




ورغم تباين القراءات والتعليقات حول المقطع، إلا أنه أثار تكهنات بوجود انقسام داخل القيادة الإيرانية خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع أزمة إسقاط الطائرة.

من جهة أخرى، تقول شريحة من المغردين الإيرانيين إن الخلاف بدا واضحًا أكثر في خطاب الرئيس حسن روحاني الذي ألقاه الخميس 16 يناير/كانون الثاني.

وقال روحاني آنذاك إن "الأزمة الاقتصادية مرتبطة بسياستهم الخارجية الخاطئة" وما هو اعتبره البعض رسالة موجهة للحرس الثوري ولخامنئي.

ويدعو روحاني، الذي ينتمي إلى التيار الإصلاحي، الدبلوماسية مع الغرب، بينما يعارض قادة الحرس هذا التوجه.

وسبق أن انتقد روحاني ما اعتبره "استبعادا لرموز التيار الإصلاحى من خوض الانتخابات البرلمانية القادمة".

وطالب الرئيس الإيراني مجلس صيانة الدستور، المسؤول عن قبول أو رفض المرشحين للسباق الانتخابي، بإتاحة الفرصة أمام كل التيارات والأحزاب.

وكشفت تقارير صحفية أن التوتر بين "الحكومة والحرس الثوري في تصاعد" منذ سنوات وبدأت تتضح أكثر بعد مقتل سليماني

وكان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي قد اتهم الحرس الثوري بإخفاء الحقيقة والمعلومات عن الحكومة حول حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية.

بينما لام قائد الحرس حسين سلامي، جهات لم يحددها على تقصيرها.

وأُسقطت الطائرة من طراز بوينغ 737 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية بصاروخ بعد وقت قصير من إقلاعها من طهران في الثامن من يناير/كانون الثاني .

وجاء إسقاط الطائرة بعد ساعات على إطلاق طهران سلسلة صواريخ استهدفت قاعدة عسكرية أمريكية في العراق، ردا على قتل واشنطن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في بغداد.

ونفت طهران في البدء مسؤوليتها عن الحادث، ليقر الحرس الثوري لاحقا بأن دفاعاته الجوية أسقطت الطائرة الأوكرانية عن طريق الخطأ.

وأثار التأخير في الإعلان عن حقيقة الحادثة غضب الشارع الإيراني، إذ خرج قطاع من الشعب في مظاهرات رددوا خلالها شعارات مناهضة للحكومة وخامنئي.

ويقول مراقبون إن الغضب الإيراني على مقتل سليماني تحول من أمريكا ضد خامنئي، ويتوقعون اتساع رقعة الاحتجاجات ضد الحكومة.

بينما يرى آخرون أن المظاهرات الشعبية التي أعقبت إسقاط الطائرة الأوكرانية لا ترتقي إلى ما شهدته إيران قبل عام من احتجاجات عارمة على رفع أسعار الوقود، ويستبعدون تحولها إلى حراك "يهدد الدولة".