شئون دولية

الثلاثاء - 02 يونيو 2020 - الساعة 06:36 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات

ما تزال الحكومتان العراقية والأميركية تروّجان بشكل غائم لعقد حوار استراتيجي بينهما خلال الشهر الجاري لتحديد مستقبل العلاقة بين البلدين دون تحديد واضح لطرق إجراء ذلك الحوار والجهات المكلّفة بإدارته والمشاركة فيه وطبيعة النتائج التي سيتمخّض عنها وهل هي قرارات تنفيذية ملزمة أم مجرّد أفكار وأطر عامّة.

وقال السفير الأميركي في العراق ماثيو تولر إنّ الحوار الاستراتيجي المقرر إجراؤه بين بلاده والعراق منتصف شهر يونيو الجاري، لن يقتصر على التعاون الأمني بين الطرفين لكنّه سيشمل مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية وحتّى الثقافية.

ومن الجانب العراقي تحدّثت مصادر سياسية عن جهود حثيثة يبذلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لحلّ عقدة حقيبة الخارجية التي حال تنافس الأحزاب عليها دون اختيار وزير لها، فيما الدخول في حوار استراتيجي مع الولايات المتّحدة لا يحتمل تواصل الشغور في هذا المنصب الهام.

وتثار في العراق أسئلة ملحّة بشأن قدرة البلد في وضعه الراهن المثقل بالأزمات على إدارة حوار جادّ وندّي مع قوّة عظمى من حجم الولايات المتّحدة وتحصيل مكاسب من ورائه وفرض التغييرات المنشودة في العلاقات القائمة حاليا بين البلدين في اتّجاه يخدم المصالح العراقية العليا.

كما لا تسلم أهداف واشنطن من الحوار المرتقب من أسئلة، يطرحها خصوصا المشككّون في النوايا الأميركية ومدى استعداد إدارة الرئيس دونالد ترامب في الأشهر الأخيرة من الولاية الرئاسية الحالية لإدخال تعديلات ذات شأن على طبيعة العلاقة مع العراق من قبيل إعادة صياغة الوجود العسكري الأميركي وتقليصه وصولا إلى إلغائه وفق ما تطالب به أطراف سياسية مشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية العراقية تعرف بانحيازها لإيران ذات المصلحة الكبرى في تقليص النفوذ الأميركي في العراق.

وتضمّن كلام تولر إشارة ضمنية لهذا الموضوع عندما طرح أفكارا أولية بشأن الحوار مع بغداد في شكل حزمة متكاملة لا تقتصر على الجانب الأمني بل تربطه بالجوانب الاقتصادية حيث نقطة الضعف الأساسية للعراق في الفترة الحالية التي يشهد خلالها أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة تزيد من حاجته للدعم الخارجي، والأميركي تحديدا، ما يعني عدم قدرته على فرض أي تغيير في طبيعة علاقاته مع الولايات المتّحدة في اتّجاه لا ترغب فيه إدارتها.

لا واشنطن مستعدة لتغيير طبيعة علاقتها ببغداد ولا الأخيرة تمتلك وسائل لتغيير العلاقة خصوصا في جانبها الأمني والعسكري

ولعلّ أدنى ما تحتاج إليه بغداد بشكل عاجل أن تواصل واشنطن إعفاءها من الالتزام بالعقوبات الأميركية الشديدة المفروضة على إيران حتى تتمكّن حكومة مصطفى الكاظمي من مواصلة استيراد الكهرباء والغاز من الجانب الإيراني لتفادي حدوث أزمة طاقة كبيرة من شأنها أن تزيد من تأجيج الغضب في الشارع المتحفّز منذ خريف العام الماضي للتظاهر والاحتجاج.

وقال تولر إنّ أعضاء البعثة الأميركية بجميع أنحاء العراق سيناقشون بشكل مفصل في الأسابيع المقبلة كيفية تناول اتفاقية الإطار الاستراتيجي.

وشدّد في مقطع فيديو نشره على موقع فيسبوك الرسمي التابع للسفارة الأميركية في العراق على أنّ علاقات البلدين تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والعلمية، ولا تقتصر فقط على المساعدة الأمنية، في إشارة إلى قيادة الولايات المتّحدة لعمليات التحالف الدولي ضدّ داعش على الأراضي العراقية وانخراط الجيش الأميركي في تدريب نظيره العراقي على مواجهة التنظيم باستخدام السلاح الأميركي.

وكانت الأحزاب الشيعية في العراق قد وقفت وراء استصدار قرار برلماني يلزم الحكومة بإخراج القوات الأميركية من البلاد إثر قيام تلك القوات بقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس بغارة جوية على موكبهما قرب مطار بغداد مطلع العام الجاري. وتأمل تلك الأحزاب أن تتّخذ الحكومة ذلك القرار أساسا لمطالبة واشنطن بسحب قواتها من العراق خلال الحوار المرتقب.




وتعمّد السفير الأميركي في سياق حديثه عن الحوار الاستراتيجي مع العراق التطرّق إلى قضية المساعدات التي تشتدّ الحاجة العراقية إليها قائلا “سيتسنى الاطلاع على المزيد من التفاصيل عن سبل تقديم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الدعم الإنساني ودعم الاستقرار لملايين العراقيين المعرضين للخطر”، ومشيرا إلى أنّ “القسم الاقتصادي في السفارة سيسلط الضوء على عمله الدؤوب لجلب الوفود التجارية والاستثمارات الأميركية وأصحاب الامتياز الأميركيين (الشركات العاملة في مجال النفط) لمساعدة للعراق على أن يكون مستقلا في مجال الطاقة”.

وأضاف “القسم السياسي سيتحدث عن برامجه التي تعزز حقوق الإنسان والعدالة والمساءلة”. ويمثّل هذا الملف لوحده ورقة ضغط فاعلة على السلطات العراقية ذات السجلّ غير النقي في المجال الحقوقي، حيث أنّ ممارسات من قبيل الاعتقال خارج نطاق القانون واختطاف النشطاء وقتلهم وآخرهم نشطاء الحراك الاحتجاجي المتواصل منذ أكتوبر الماضي، من الممارسات الشائعة في العراق، فضلا عن ممارسات الميليشيات المسلّحة ضدّ المدنيين والتي تتراوح بين اعتقالهم وقتلهم وتعذيبهم وتهجيرهم من مناطقهم (مثال سكان جرف الصخر جنوبي بغداد) والاستيلاء على أرزاقهم وممتلكاتهم وهي ممارسات شاعت كثيرا أثناء مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في الحرب ضد تنظيم داعش بين سنتي 2014 و2017.

وتمتلك الولايات المتّحدة بما لها من سلطة ونفوذ تحريك مثل هذه القضايا وتسليط عقوبات على شخصيات عراقية متهمة بالضلوع فيها واستخدامها الملف ككلّ ورقة ضغط على العراق كلّما اقتضت الحاجة ذلك.