شئون دولية

الثلاثاء - 27 أكتوبر 2020 - الساعة 12:15 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات

شوهت جهود روسيا المنسقة لدفع الأمريكيين للتصويت لصالح دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في 2016 صورة وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها فيس بوك، لذلك تسعى المنصات الالكترونية الكبرى اليوم لتجنب تكرار التجربة، لكن خبراء يؤكدون أن "ملوك" المعلومات المضللة هذه السنة، هم أمريكيون.
وبعد 4 أعوام من انتخابات 2016، حذر مكتب التحقيقات الفدرالي إف بي آي، ومسؤولون أمنيون أمريكيون آخرون، كانوا على علم بالتدخلات وقتها لكنهم التزموا الصمت، من تدخل روسيا وإيران في انتخابات هذا العام.
وفصل تقرير المستشار الخاص روبرت مولر تحيز الكرملين لترامب وكراهيته لهيلاري كلينتون في 2016. لكن تصرفات روسيا، ودول أخرى، ليست سوى جزءاً من مشكلة المعلومات المضللة.
فالأمريكيون يؤدون حالياً دوراً رائداً في هذا المجال بنشرهم الجزء الأكبر من التعليقات والصور ومقاطع الفيديو الكاذبة، أو المضللة التي تنتشر بسهولة عبر الإنترنت.
وهناك مؤشرات تدل على أن الأمر خارج عن السيطرة.
وقال جوشوا تاكر وهو أستاذ في السياسة وخبير في علوم البيانات ووسائل التواصل الاجتماعي في جامعة نيويورك لوكالة فرانس برس: "ما فعله الروس في 2016 هو عرض مجموعة أدوات تمكنك من استخدام جهات فاعلة مخادعة عبر الإنترنت تعمل بالتنسيق بعضها مع بعض، أداةً سياسية".
وأضاف "كان هناك تركيز على التدخل الأجنبي، لكن الذين لديهم فعلا حافز للتأثير على نتيجة الانتخابات، يعيشون في ذلك البلد، إنهم أمريكيون".
ويؤكد أحدث تقرير لفيس بوك، عن السلوك الزائف، هذا التوجه.
وفي الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) وحده، أغلق 200 حساب و55 صفحة على فيس بوك و77 حساباً على إنستغرام، منشأها الولايات المتحدة.
ومن خلال تقليد التكتيكات الروسية في 2016، استخدم المشغلون صورا متفرقة لملفات شخصية وقدموا أنفسهم أفراداً يميلون إلى اليمين في كل أنحاء الولايات المتحدة.
وزرع التأثير الإجمالي، الفتنة السياسية، وقوض الثقة في العملية الديموقراطية، تماما كما أفاد تقرير مولر في العام الماضي والقائل إن ذلك هو هدف روسيا الشامل والمستمر.
وكان المثال الأكثر فظاعة الذي كشفه فيس بوك هو شركة تسويق أمريكية استخدمت مراهقين في أريزونا لنشر تعليقات مؤيدة لترامب، أو متعاطفة مع القضايا المحافظة، وانتقدوا أيضا المرشح الديموقراطي في 2020 جو بايدن.
وتظهر أبحاث تاكر وزملاؤه أن التحزب السياسي الذي تعززه خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر للمستخدمين جانباً واحداً من القصة، تعني أنه لا الليبراليين ولا المحافظين قادرين على تمييز الوقائع من الأخبار المضللة.
وفي جزء من تعاون بين فيس بوك وفرانس برس للتحقق من صحة الأخبار، أبلغت الوكالة عن آلاف المنشورات الخاطئة أو المضللة في الولايات المتحدة، حظي بعضها بمشاركة مئات الآلاف من المرات.
وتظهر تعليقات المستخدمين أنه حتى الحقائق التي أمكن التحقق منها لا تقبل عندما تتعارض مع المعتقدات السياسية الحزبية.
ويُزيل تطبيق تويتر أيضاً المحتويات المضللة، منها صورة نشرها حساب له 24 ألف متابع تظهر شرطياً أسود وترامب مع شعار "فوت ريبابليكن" في وقت سابق من هذا الشهر.
وحصلت تغريدة نشرها هذا الحساب على 75 ألف إعجاب قبل إغلاقه لخرقه قواعد المنصة ضد التلاعب.
ولكن باحثي وسائل التواصل الاجتماعي يقولون إن كشف مثل هذه الحسابات هو الاستثناء وليس القاعدة.
وأوضح البروفيسور راسل مويرهيد المؤلف المشارك لكتاب "إيه لوت أوف بيبول ساينغ" عنوان يلعب على الكلمات التي يستخدمها ترامب غالباً للترويج لنظريات غير مثبتة، أن المعلومات المضللة الأميركية تطورت بسرعة منذ 2016.
وفي إشارة إلى بيتزا غايت، أي الادعاء بأن كبار الديموقراطيين كانوا يديرون عصابة للاتجار الجنسي بالأطفال من مطعم للبيتزا في واشنطن، قال مويرهيد إن النقاش السياسي تعرض للتسميم.
وأضاف مويرهيد الذي يدرّس السياسة والعلوم السياسية في كلية دارتموث: "هذه القصة التي لا أساس لها على الإطلاق، تهدف إلى إظهار أن هيلاري كلينتون تمثل الشر الخالص".
وتابع "كيف يمكن أن تعمل سياسياً مع شخص مماثل؟ هذا غير ممكن، لذلك يجب أن تخوض حربا ضده. تلك القصة أخبرت مؤيدي ترامب أنكم في سياق سياسي تخوضون حرباً ضد شخص يجب أن يسجن".
وفي هذه الدورة الانتخابية، انتشرت نظرية مؤامرة "كانون" التي تدعي أن ترامب يخوض صراعاً ضد الديموقراطيين والنخب في هوليوود المتورطين في الاتجار الجنسي بالأطفال وأكل لحوم البشر.
ويستهدف مروجوها جو بايدن.
وقال مويرهيد: "لا ترسم كانون الآن جو بايدن خصماً شرعياً بل جزءاً من هذه المجموعة التي تنوي تدمير أمريكا، ولايجب خوض جدال معها، بل القضاء عليها".
ومع ذلك، فإن الخطر المباشر للتضليل الذي يهدد انتخابات 2020 وفقا لتاكر، هو مزاعم ترامب المتكررة بأن استخدام بطاقات الاقتراع عبر البريد سيؤدي إلى انتخابات "مزورة"، وهو الذي قدم ذات
الادعاءات في 2016. إلا أن التحقيقات اللاحقة لم تظهر أي دليل على صحتها.
وأضاف تاكر "هذه هي المعلومات المضللة".
وتابع "هناك مشاكل مع الذين لم يصوّتوا بشكل صحيح وهناك مشاكل في تأخر المواطنين في الإدلاء بأصواتهم، لكن لا يوجد دليل يشير إلى تزوير على نطاق واسع".
وختم "من يحتاج إلى إلقاء الروس بظلال من الشك على نزاهة العملية الديموقراطية عندما يفعل رئيس الولايات المتحدة ذلك؟".