كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ في مقابلة خاصة مع "اندبندنت عربية" عن أن الولايات المتحدة والسعودية بعثتا بتحذيرات مباشرة إلى روسيا بعدم تسليح الحوثيين.
وأكد مبعوث الرئيس جو بايدن أن "روسيا عقدت محادثات مع الحوثيين لتزويدهم بالأسلحة"، وقال "تحدثنا مباشرة مع الروس، وأبلغناهم بأننا نعتبر هذا تهديداً خطراً للمصالح الأميركية والإقليمية في اليمن".
روسيا تستخدم الحوثي للضغط على الغرب
وتساءل المسؤول الأميركي "منذ عامين استفدنا من انضمام روسيا إلى إجماع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لدعم حل سلمي في اليمن، فلماذا يقوم الروس الآن بتسليح طرف في الصراع يمارس تصرفات معارضة لموقفها الدولي وموقفها من الشعب اليمني؟".
ولدى الاستفسار من ليندركينغ عما إذا كان يقصد أن الروس بدأوا فعلاً بمد الحوثيين بالأسلحة، فأوضح أنهم "يخططون للتسليح... يجرون محادثات حول ذلك".
وعن رد فعل الكرملين على المطالب الأميركية، قال إن واشنطن لم تتلقَّ "رداً مقبولاً"، ورجّح أن المؤسسة الدفاعية في روسيا تتولى هذا الملف وتقود مهمة التنسيق مع الحوثيين.
وأضاف أنه "من الواضح أن الروس مستاؤون منا حول أوكرانيا، لكن الموقف الذي نوضحه لهم هو أن اليمن ليس ساحة لتصفية الحسابات مع الولايات المتحدة والغرب لأن ذلك يعرض اليمن واليمنيين لمعاناة غير ضرورية ويطيل أمد الحرب ويعوق الجهود الدولية لخفض التصعيد".
وعما إذا كان هناك تنسيق مع السعودية أو محادثات بين الرياض وموسكو حول خطر تسليح الحوثيين، رد المبعوث الأميركي بالإيجاب، وأشار إلى أنه تحدث مع الحكومة السعودية حول هذه المخاوف.
وقال إن السعوديين "أوضحوا بجلاء وجهات نظرهم للروس أن (تسليح الحوثي) سيكون مهدداً ليس لمصالحنا فحسب، بل لمصالح السعودية والشركاء الإقليميين الآخرين كذلك".
وتواصلت "اندبندنت عربية" مع السفارة الروسية لدى السعودية للتعليق على تصريحات المسؤول الأميركي، لكننا لم نتلقَّ رداً.
الاتفاق السعودي – الأميركي
وعن فرص إبرام اتفاق بين السعودية والولايات المتحدة وتأثيره في الملف اليمني، قال إن "العلاقات الثنائية مع السعودية مهمة للغاية وتتطور وتُعزز من أعلى مستويات حكومتنا، وهناك تقدير كبير لقيمة هذه العلاقة. وتتضمن محادثاتنا مع السعودية ملفات إقليمية عدة إلى جانب اليمن، مثل السودان والأزمة الحالية في لبنان، وهي شريك ذو ثقل ونفوذ كبيرين في المنطقة".
أميركا تدرس دعم خفر السواحل اليمني
عدت بالمبعوث الأميركي سنتين إلى الوراء، تحديداً إلى سبتمبر (أيلول) 2022 عندما قال لـ"اندبندنت عربية" إن دعم الحكومة اليمنية عسكرياً "قيد المناقشة". ولدى سؤاله عما إذا اتخذت خطوات ملموسة في هذا الجانب، قال "هذا غير صحيح، ونحن لا ندرس تقديم دعم عسكري لمجلس القيادة الرئاسي".
إلا أن ليندركينغ كشف عن أن الولايات المتحدة "بحثت طرقاً لدعم قوة خفر السواحل اليمنية لمواجهة التحديات البحرية بما فيها تهريب الأسلحة غير المشروعة من إيران التي تنتهك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة". وقال "عقدنا اجتماعات مع مجلس القيادة الرئاسي في نيويورك، ومع مجموعات صغيرة من الدول وأخرى كبيرة يصل عددها إلى تسع دول، مما يظهر الدعم الدولي الكبير الذي تحظى به الحكومة الشرعية".
فاعلية "حارس الازدهار"
وعن تقييمه لعملية "حارس الازدهار" التي أطلقتها الولايات المتحدة أواخر العام الماضي، قال الدبلوماسي الأميركي إن "إجراء بعض التعديلات ممكن"، وأشار إلى "طبيعتها الدفاعية، فهي ليست موجهة لمهاجمة اليمن أو الحوثيين أو قدراتهم، بل صممت لحماية ممرات الشحن، إذ تعتبر هذه المنطقة حيوية لجزء كبير من التجارة العالمية"، مردفاً أن "ما يقوم به الحوثيون يتعارض مع المبادئ الدولية، ولا يخدم أي مصلحة سوى مصالحهم وربما مصالح الإيرانيين".
وعما إذا كانت أميركا ستوفر أسلحة وتدريباً عسكرياً للحكومة الشرعية للتصدي تحديداً لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، قال مبعوث الرئيس بايدن "لا نقوم بذلك حالياً. لدينا علاقة عسكرية بالتأكيد، لكننا لا نقوم بتسليح أو تدريب الحكومة اليمنية في الوقت الحالي. وهناك نقاش حول هذه المسألة بطبيعة الحال في ظل هذه الظروف، إذ لا يمكن تحمل ما يفعله الحوثيون الذين يّدعون أنهم جهة شرعية في اليمن، بينما يثيرون الحرائق في المنطقة وفي البحر الأحمر. هذا غير مقبول لليمنيين والمجتمع الدولي".
وعن كيفية موازنة الولايات المتحدة لهذه العملية العسكرية وجهود السلام بين مجلس القيادة الرئاسي والحوثيين، قال "ما زلنا ملتزمين بجهود السلام في اليمن. ما يحدث في البحر الأحمر ليس عملية عسكرية من قبل الولايات المتحدة أو أي طرف آخر، بل هو هجوم من قبل الحوثيين على السفن من دون تمييز لجنسيتها، وعلى ناقلات النفط التي لا علاقة لها بإسرائيل. وهذه الهجمات مضرة ولا تساعد الشعب الفلسطيني ولا سكان غزة. وهناك ناقلة مشتعلة في البحر الأحمر بسبب هجوم حوثي وتحمل مليون برميل من النفط، وهناك عملية إنقاذ دولية كبيرة لإخماد النيران".
وأضاف أن "هذه الأفعال غير مقبولة، وآخر ما تحتاج إليه المنطقة هو زيادة التوتر في البحر الأحمر الذي يعتبر ممراً حيوياً يمثل مصدر رزق لملايين اليمنيين، مثل الصيادين، مما يعكس عدم احترام الحوثيين للمنطقة والشعب اليمني".
احتجاز موظفي الأمم المتحدة
وقال ليندركينغ إن "الحوار اليمني - اليمني يمكن عقده غداً إذا وافق الحوثيون على ذلك، لكن أفعالهم تضر بسمعتهم كطرف يمني، وأي حسن نية اكتسبوه نتيجة للهدنة التي وافقوا عليها عام 2022 بدأ يتلاشى بسبب تصرفاتهم، ليس فقط في البحر الأحمر، بل أيضا باحتجازهم أكثر من 100 موظف محلي يعملون في منظمات دولية وأممية".
وعن مطالب الحوثيين للإفراج عنهم، أجاب، "لم يطلبوا شيئاً. زعموا أنهم احتجزوا هؤلاء الأشخاص بسبب التجسس، وذلك هراء. هؤلاء اليمنيون يعملون لمصلحة منظمات دولية لتحسين حياة الشعب اليمني. هذه الخطوة تعتبر تجاوزاً خطراً وتخويفاً، وضمن سلوك متكرر ينتهجه الحوثيون، مما يتعارض تماماً مع أي جهد نحو السلام".