اخبار الساحل

السبت - 11 يونيو 2022 - الساعة 02:44 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل/ متابعات خاصة

كسر مواطنون في الحديدة اليمنية للمرة الأولى منذ سنوات حاجز الصمت، فيما حطم أهالي صنعاء أسوار أرض نهبها الانقلابيون الحوثيون.

ونشر ناشطون يمنيون أرقاما بالجملة للنهب الحوثي المنظم من موانئ الحديدة قبل وبعد الهدنة بغطاء دعم الخدمات في المحافظة الساحلية، إلى جانب صراع قادة المليشيات على الإتاوات من الكهرباء الخاصة والحكومية.

جاء ذلك ضمن انتفاضة إلكترونية واسعة النطاق تبنت مطالب توفير الكهرباء للمدينة التي تكتوي بنار الصيف في ظل تربح الحوثيين وتجار الطاقة من الخدمة، لتكشف حجم النقمة الشعبية التي تضرب مناطق سيطرة الانقلاب، ما دفع المليشيات إلى اتخاذ خطوات استباقية في مسعى لاحتواء الغضب الشعبي المتصاعد.

ورغم القبضة الأمنية المشددة التي تفرضها مليشيات الحوثي على الحديدة فإن الحملة التي أطلقها ناشطون وإعلاميون قبل أيام تحت وسم "#الحديدة_تموت"، سرعان ما تحولت إلى قضية رأي عام في المحافظة والبلد لتربك الانقلابيين لا سيما بعد كسر الأصوات للعزلة الأمنية التي فرضتها المليشيات.

وأجبر ذلك مليشيات الحوثي على تشكيل ما سمته "لجنة رئاسية" لاحتواء الغليان الشعبي وأرسلتها إلى الحديدة للاجتماع مع قياداتها في المحافظة، لكنها ظهرت عاجزة وهشة في مواجهة أبسط مطالب الناس، لا سيما بعد تعرية الحملة فساد عدد من قيادات المليشيات.

كما لجأت مليشيات الحوثي إلى تعيين قيادة جديدة لمؤسسة الكهرباء، ثم دخلت في مرحلة ارتباك وتراجع عن قرارات تغيير قيادات كبيرة في الحديدة المشمولة باتفاق أممي هش ومتعثر منذ أواخر 2018.

وضمت اللجنة، التي أرسلها الحوثيون إلى الحديدة، قيادات من الصف الأول في حكومة المليشيات وهم، رشيد أبو لحوم، حسين مقبولي عبد الرقيب الشرماني، طه المتوكل، عبدالغني المداني، محمد قحيم، إبراهيم الحملي، قاسم الحوثي.

وقال مصدر محلي إن اجتماع اللجنة الحوثية القادمة من صنعاء وقيادات المليشيات في الحديدة شهد اشتباكا لفظيا قبل أن يتطور إلى عراك، وذلك إثر الصراع على إتاوات مفروضة باسم دعم خدمة الكهرباء وجبايات من شركات التوليد الخاصة.

وتتصارع مليشيات الحوثي بشكل رئيسي على الشركات الكهربائية الخاصة وكذلك الأموال التي تتدفق إلى ما يعرف بـ"صندوق دعم كهرباء الحديدة"، الذي أسسته في 2017.

وتقر المليشيات إتاوات لصالح هذا الصندوق تصل لنحو 5 ريالات عن كل طرد و8 ريالات عن كل لتر وقود يدخل عبر موانئ الحديدة، إلى جانب 100 ريال على كل كيس حبوب من القمح، لتجني شهريا مليارات الريالات.

اتهامات متبادلة

وبدلا من توفير الخدمة للمواطنين بتعريفة مخفضة، خصخص الحوثيون قطاع الكهرباء وشيدوا شركات توليد كهربائية خاصة، وفرضوا تعريفة هي الأغلى في العالم، لجني مليارات الريالات سنويا، ما حرك مؤخرا صراعا داخليا علنيا.

وانتقد إعلاميون موالون للمليشيات وقيادات حوثية القيادي "رشيد أبولحوم" الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء وزير المالية بحكومة الانقلاب غير المعترف بها. وسط اتهامات بنهب المليارات مما يسمى "صندوق دعم كهرباء الحديدة".

كما اتهم هؤلاء وزير المالية، بعقد صفقات مشبوهة لصالح شركات الطاقة الخاصة الخاضعة لقيادته، وتجار غالبيتهم منحدرون من معقل الحوثيين في صعدة.

وقال نشطاء يمنيون إن تبادل الاتهامات بين الحوثيين هو جزء من صراع على الجبايات استهدف مؤخرا حرف الأنظار عن قياداتها التي تدير اقتصادها الخفي، إلى قيادات واجهة غير مؤثرة.

كما أشار النشطاء إلى أن الحوثيين عندما وجدوا أنفسهم غير قادرين على السيطرة على قضية الكهرباء بعد تعرية نهبها لمليارات الريالات من موانئ الحديدة باسم دعم القطاع، لجأوا لتوجيه خطباء المساجد للهجوم على الحملة الإعلامية ضدهم".

وذكر الناشط والإعلامي أحمد غازي الذي بدأ بقيادة حملة "#الحديدة_تموت" قبل تحولها إلى قضية رأي عام، أن الحملة سببت إرباكا كبيرا للحوثيين، إذ كانوا يعتزمون تغير قيادة المحافظة بما فيه القيادي البارز أبوعلي الكحلاني، قبل التراجع عن تلك القرارات.

وأوضح غازي أن الحملة على مدى 4 أيام لاقت صدى غير مسبوق ووصلت إلى أعلى مستوى شعبيا وداخل قيادات المليشيات ولولا القبضة الأمنية الحوثية في الحديدة وتسلط الحوثيين على رقاب الناس، لوصلت إلى الشارع كاحتجاج شعبي كبير.

وأشار إلى أن الحوثيين لم يتركوا أي هامش لحرية التعبير في الحديدة باعتبارها البوابة الرئيسية على البحر الأحمر لأنشطتهم، والناس تعيش حالة من الخوف.

واعتبر الإعلامي اليمني تغيير قيادة الكهرباء الحوثية، والدفع بلجنة من كبار قيادات المليشيات إلى الحديدة، محاولة لاحتواء الغليان الشعبي وتخدير الناس بإطلاق الوعود الوهمية، وهو جزء بسيط من ارتباك وتخبط قادة الانقلاب وعدم قدرتهم على السيطرة على مناطق نفوذهم.

وجاءت حملة الضغط بالتزامن مع احتفاء كبار قيادات الحوثي بزعم "تحرير الدريهمي" ومناطق أخلتها القوات المشتركة جنوبي الحديدة بموجب اتفاق ستوكهولم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن سرعان ما تلاشى ذلك عند ارتفاع أصوات الناس للمطالبة بالكهرباء في ظل الصيف الحار.

وفضح ذلك انتصارات الحوثيين الوهمية التي تم الترويج لها عبر سلسلة أفلام وثائقية وقصص خيالية نسجها قادة المليشيات لخلق ضجة إعلامية لم تصمد ليوم واحد في مواجهة المطالب بخدمات رئيسية في الحديدة.

من الحديدة إلى صنعاء

ولم يكسر سكان الحديدة وحدهم القبضة الأمنية، إذ امتد المد إلى صنعاء، بعد خروج عشرات الأهالي لتحطيم أسوار شيدها الحوثيون على أراض منهوبة.

وتداول نشطاء يمنيون مقاطع مصورة لهدم مواطنين أسوار كان الحوثيون قد شيدوها على مساحات ومواقف مدينة "الحمدي" السكنية شمال شرق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

يأتي ذلك بعد أسابيع من حملة النهب الممنهجة للحوثيين على المتنفسات العامة والمدن السكنية منها مدينة الحمدي، ضمن سباق محموم وتنافس شرس على العقارات بين قادة الانقلابيين في صنعاء.

ومؤخرا، وثقت تقارير حقوقية تعرض المواطنين في أحياء "مذبح"، و"السنينة"، و"سعوان" لمصادرة أراضيهم ومنازلهم من قبل مليشيات الحوثي بحجة المصلحة العامة، والضرورة العسكرية. 

ويعد تحطيم المواطنين للأسوار التي شيدها الحوثيون بعد مصادرتهم أراضي ومتنفسات بقوة السلاح، شرارة ودلالة على اتساع الرفض الشعبي لسطوة المليشيات، ما ينذر بانتفاضات داخلية لاقتلاع جذور الانقلاب في أهم المدن اليمنية.

المصدر: العين الإخبارية