شئون دولية

الجمعة - 26 أبريل 2024 - الساعة 04:37 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - متابعات


منذ اللحظة الأولى لهبوط طائرة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في مطار شنغهاي بدا أن الخلافات العميقة بين القوتين العالميتين لن تنهيها مجرد زيارة أو زيارات، فلم تفرش للوزير الأميركي السجادة الحمراء أو تعزف الموسيقى بل خلت قائمة الشخصيات التي استقبلته من أي مسؤول حكومي رفيع.

والتقى الرئيس الصيني شي جينبينغ، اليوم الجمعة، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الساعي إلى معالجة المشاكل وجها لوجه، كما كرر مرارا خلال زيارته إلى بكين.

وقال الرئيس الصيني للمسؤول الأميركي إن بكين وواشنطن يجب أن تكونا شريكتين وليستا متنافستين.

كما أجرى بلينكن في وقت سابق اليوم محادثات استمرت أكثر من خمس ساعات ونصف ساعة مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي وصفها بأنها "معمقة وبناءة".

فقد عم اللقاء تحذيرات صينية من أن الولايات المتحدة تكبح تطور بكين.

كما أضاف في مستهل جلستهما الافتتاحية أن"السفينة العملاقة للعلاقات الصينية الأميركية استقرت "لكن عوامل سلبية في العلاقات لا تزال تتزايد وتتراكم". واعتبر أن واشنطن عرقلت حقوق الصين المشروعة في التطور وكبحتها بطريقة غير مقبولة.

في حين جدد بلينكن الدعوة إلى ما يصفها بالدبلوماسية المباشرة أن التواصل وجها لوجها بين قادة ومسؤولي الدول.

لكن رغم أن المحادثات بين البلدين توسعت خلال الأشهر الأخيرة فإن ملفات اقتصادية وعسكرية مازالت ملتهبة ولا يستبعد مراقبون المواجهة العسكرية بين القوتين الاقتصاديتين النوويتين.

تايوان
يتكرر تبادل الاتهامات حول مصير تايوان التي تديرها حكومة ديمقراطية لكن تعتزم الصين منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949 إلحاقها بأراضيها بالقوة إذا لزم الأمر.

وفي عام 2021 ثم في 2022 ، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن بلاده ستدافع عن تايوان في حال تعرضها لغزو صيني.

ثم عاد وخفف تصريحاته من خلال إعادة التأكيد على السياسة الأميركية التي تعترف بـ"صين واحدة" والحفاظ على الوضع القائم للجزيرة.
لكن في 17 أبريل الماضي، أعلن الأسطول السابع الأميركي أن طائرة بوينغ بي-8 إيه بوسايدون تابعة للبحرية حلقت عبر مضيق تايوان، الأربعاء، بعد يوم من انعقاد أول محادثات بين وزيري الدفاع الأميركي والصيني منذ نوفمبر 2022 في مساع لتقليل التوترات الإقليمية.

وكانت الاتصالات بين الجيشين قد توقفت في أغسطس/ آب 2022 عندما علقتها بكين بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي إلى تايوان.

وردت الصين بإطلاق صواريخ فوق تايوان والقيام بمناورات عسكرية مكثفة، كان من بينها محاكاة لحصار بحري وجوي للجزيرة.

تيك توك
ضمن الخلافات بين الدولتين الكبيرتين منصة تيك توك التي تطالب واشنطن بحظرها أو بيعها.
فقد وصل بلينكن إلى شنغهاي غداة موافقة الكونغرس الأميركي على مشروع قانون أعدَّته إدارة الرئيس جو بايدن، لتقديم مساعدات بمليارات الدولارات لكلٍّ من أوكرانيا وإسرائيل وتايوان، ولإرغام منصة "تيك توك" للتواصل الاجتماعي على الانفصال عن الشركة الأم "بايت دانس" الصينية، فيما يمكن أن يُعقّد الجهود الدبلوماسية لكبح الخلافات التي تهدد استقرار العلاقات بين الخصمين العالميين.

قبيل زيارة بلينكن، قال مسؤولون أميركيون إن الحرب في أوكرانيا ستكون موضوعاً أساسيا خلال تلك الزيارة، إذ إن إدارة بايدن ترى أن الدعم الصيني سمح لموسكو بإعادة تشكيل قاعدتها الصناعية الدفاعية إلى حد كبير، مما لا يؤثر في الحرب بأوكرانيا فحسب، بل يشكل تهديداً أوسع لأوروبا.

أما بكين، فتؤكد أن لها الحق في التجارة مع موسكو. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين، إنه من "النفاق وعدم المسؤولية أن تقدم الولايات المتحدة مشروع قانون مساعدات واسع النطاق لأوكرانيا، بينما تُوجّه اتّهامات لا أساس لها إلى التبادلات الاقتصادية والتجارية الطبيعية بين الصين وروسيا".

قائمة الخلافات بين واشنطن وبكين طويلة تمتد لدول جنوب شرق آسيا، فقد عبرت واشنطن مرارا عن قلقها حيال فيتنام والفلبين، التي لديها نزاعات إقليمية وبحرية كبيرة مع بكين في بحر الصين الجنوبي. ونددت بشدة بالتدريبات العسكرية الصينية في محيط تايوان.

ففي بحر الصين الجنوبي تحديدا، أصبحت الولايات المتحدة ودول أخرى تشعر بقلق كبير مما تعدّها "استفزازات صينية" في المناطق المتنازَع عليها، وما حولها.

واعترضت الولايات المتحدة خصوصاً على محاولات من الصين لإحباط النشاطات البحرية لكل من الفلبين وفيتنام، وهو الأمر الذي كان موضوعاً رئيسياً هذا الشهر خلال قمة ثلاثية عقدها الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، ورئيس الفلبين فرديناند ماركوس (الابن).

التنافس الاقتصادي
من المعروف أن بين واشنطن وبكين تنافسا اقتصاديا كبيرا لكن رغم هذه الحرب بين القوتين فإنه لا يمكن لأحدهما الانفصال عن الآخر.
فقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما في 2022 ما يقرب من 690 مليار دولار منها 536 مليار دولار صادرات صينية مقابل 153 مليارا صادرات أميركية، وحققت الصين فائضا تجاريا (عجزا على الجانب الأميركي) بلغ 283 مليارا.

ورغم هذا الحجم من التبادل فإن الشركات الأميركية التي تمارس أعمالا تجارية في الصين تشعر بقلق متزايد بشأن جذب الاهتمام السلبي من الحكومة.

في المقابل، تواجه الشركات التي تعمل في أميركا ولها علاقات مع الصين، لاسيما "تيك توك" وتطبيق التسوق "تيمو" (Temu) ومتاجر الملابس بالتجزئة "شين" (Shein)، تدقيقا متزايدا بشأن ممارساتها العمالية، واستخدامها لبيانات العملاء الأميركيين والطرق التي تستورد بها المنتجات إلى الولايات المتحدة.

يشار أيضا إلى هناك العديد من القضايا الخلافية بين البلدين مثل الأمن القومي والصناعات العسكرية والتكنولوجية والعلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول، بل وصل التنافس المحموم إلى الفضاء.

وكان غزو روسيا لأوكرانيا قد فتح فصلا جديدا في حرب الفضاء، لكن الصين هي القوة التي تقلق أميركا بالفعل، حيث تسعى إلى مضاهاة إن لم يكن تجاوز تفوق أميركا في السماء.

ففي أي صراع مستقبلي بين أميركا والصين، على سبيل المثال، ستكون الأقمار الصناعية ضرورية للعثور على الأهداف وتدميرها عبر المسافات الشاسعة للمحيط الهادئ، وفق التقرير.