كتابات وآراء


الجمعة - 05 يناير 2024 - الساعة 01:14 ص

كُتب بواسطة : فكري قاسم - ارشيف الكاتب



مافيش حارة ولا قرية في اليمن إلا وفيها اثنين إلى ثلاثة جوامع، ونرقد ونقوم كل يوم على أصوات المئاذن ؛ والمواعظ الدينية ليل الله مع نهاره مفتوحة فوق رؤوسنا .
وأول ما ينكع المولود من بطن أمه يأذّنوا له ويكبّروا في أذنه، وأول ما يكبر ويقطع بطاقة شخصية تلقاه يسجل نفسه في خانة الديانة “مسلم” هكذا تلقائيًّا بالفطرة في عملية متوارثة جيل بعد جيل من يوم دخل أجدادنا الاوائل إلى الإسلام وحتى هذه اللحظة ؛ ومع هذا ينبعلك واحد درويش يصيح فينا ويقول :
- الإسلام في خطر !
- خطر موه ياموسمك أنا لي منع ابوك ؟!

قدو مافيش في بلادنا بيت ولا دكان ولا مطعم ولا بوفية ولا محل ولا مصنع ولا مؤسسة بقالة ولا فندق ولا مستشفى ولا مصلحة حكومية أو أهلية إلا والمصحف الشريف والسجادة والمسبحة موجودات فيهن من قبل الأثاث . وكل المعاملات الرسمية والغير رسمية تبدأ بسم الله الرحمن الرحيم وتنتهي ب والله ولي الهداية والتوفيق ؛ ومع هذا ينبعلك درويش يصيح :
- دين الله في خطر !
- خطر موه ياضاك أنا لي منع ابوك؟

قد إحنا في هذي البلاد نمشي وجدران الشوارع كلها تستقبلنا ؛ اينما سرنا بعبارة “اذكر الله يا غافل” نيابة عن أسماء الشوارع وعناوين البيوت؛ونركب في حلنا وترحالنا فوق سيارات وسائل السلامة فيهن صفر ؛ ولكن دعاء السفر لايغيب ونشوفه مدندل قدام عيوننا وطول الطريق نصلي على النبي وندعوا الله بكل تضرع وخشوع ؛ ومع هذا تسمع لك درويش يصيح من المنبر :
- ارجعوا إلى الله !
- لموه واحنا أين احنا ذلحين ياموسمك ؟!

لا معانا مراقص ولا ملاهي ليلية ولا مصانع خمور ولا شواطئ للعراة ولا بارات ولا أماكن رسمية للدعارة، ولا مسابقات ملكات جمال ولا حفلات مختلطة ؛ وكل الذي معانا أسواق قات فقط، وسواحل مفتوحة للتهريب، ومعسكرات لتدريب المجاهدين، ومصانع جعالة لا تخلو من مواد مُسرطنة في بلاد خاربة وواقعة بيد شوية لصوص وقطاّع طرق يحكمونا باسم الله وباسم الرسول ؛ وينبعلك درويش فارغ والله مالامه علم ماهو الوطن ولا ماهو الاقتصاد ومع هذا نسمعه يصيح بحسرة:
- ضيعنا الاسلاااام وضاعت البلاد!
- مله مو نزيد نعمل ياموسمك ؟

لا بو عندنا كنائس نسمع أجراسها منسب نخاف منها على دين الإسلام، ولا بو من يعلّق عرض الجدران صور اليسوع المتخيلة، ولا تباع صور مريم العذراء بمحلات الهدايا، ولا بو عندنا صليب مرسوم في أي بقعة، وما فيش معانا غير الصليب الأحمر بس.
وحتى شوية اليهود اليمنيين طعفروا بهم من كل قرية وماعد نلاقي في الشارع يهودي واحد ماشي وزنانيره مدندلات، ولا بوه عندنا رهبان ولا قساوسة ولا بابوات ولا أحبار، ولا توراة ولا إنجيل ولا تماثيل لبوذا، ولا بو في بلادنا اساسا من يزاحم الإسلام ؛ والخط فاضي لدين الإسلام ؛ ومع هذا تلاقي اسطوانة الدراويش تصيح بنا في كل خطاب ديني :
- اتقوا الله وعودوا إلى أحضان الإسلام؟
- يعني واحنا ذلحين أينه؟ في أحضان فاتن حمامة، والا بحضن من ياموسمك؟
قد احنا من صبح الله للمغيب أمة مقعللة في حدف الإسلام، وما معانا حدف غيره ؟!
وقد نسواننا في الغالب مكلفتات بأغطية سوداء تلفهن من ساسهن لا راسهن ساع الشليشن ؛ ولو حصل مرة ومشت واحدة في الشارع لابسة بالطو محزوق شوية على خصرها يتلبجوا ويصيحوا :
- ياغارتاه ياباطلاه ؛ هذا إغراء هذا تفسخ أخلاقي هذا منظر يفطر الصائم !
- يعني أسألكم بالله ؛ هذا الأخ المسلم التقي الطاهر الخائف على الإسلام من حزقة بالطو ؛ما يقدر يتجمل مع الإسلام شوية ويغمض عيونه ؟!
ومابللا الاسلام في خطر لأن صاحبنا المتدين هذا مقحوش مررره ؛مايقدر يتحكم برغباته ولا بينه طافة يمسك نفسه شوية قدام بالطو محزوق اثار شهواته الحيوانية ؛ وخلاه يصيح ساع المجنون : الاسلام في خطر ؟!

طيب هولا الدراويش من كل الفصائل الدينية المتواجدة بالساحة الدينية في اليمن ايش يشتوا مننا بالضبط ؟ وماهو دين الله هذا الذي يشتونا نتمسك به لا ينكع ؛ وماهو هذا الاسلام الذي يشتونا نعود إلى أحضانه ؟
هل هو الاسلام حق الحوثيين مثلا ؟
وإلا الاسلام حق الإخوان ؟
وإلا الاسلام حق السلفيين ؟
والله مالي علم !
كل الذي اعرفه أننا شعب مسلم بالفطرة نعرف الله من ابائنا ؛ لكن الدراويش مش مقتنعين بهذا هذا التدين الفطري اللي في نفوس الناس ومابللا نتدين على هواهم وعلى مذاهبهم ومابللا نعبد الله الذي في تصورهم ؛ وما بلا يعكموا حياتك اليومية بالمخاوف التي تهدد الإسلام وتستهدف المسلمين ؛مالم فاحنا غلطانين ومقصرين ؛والمجتمع في ظلال؛ ودين الله في خطر !

انا في رأيي الشخصي كمسلم ؛ اقول والله مافي شي أخطر على الإسلام وعلى التعايش بين المسلمين أنفسهم ؛ فضلا عن تعايشهم مع الآخر ؛ أكثر من هولا الدراويش اللي مامعاهم مهرة غير هذا الهدار .

*المقال منقول من صفحة الكاتب بالفيس بوك