شئون دولية

الخميس - 12 سبتمبر 2019 - الساعة 10:28 ص بتوقيت اليمن ،،،

باريس

بات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، المهزوم سياسيا، محاصرا قانونيا كذلك بعد أن اعتبر القضاء الاسكتلندي تعليق عمل البرلمان غير قانوني. وفيما يتمسك رئيس الوزراء المحافظ باستراتيجيته بشأن بريكست التي أجهضها البرلمان، لا يبدو كذلك مستعدا لتجاهل الأحكام القضائية، وهي فرضية يمكن المضي فيها. ولم يكشف رئيس الوزراء المغمور حتى الآن خطته بشأن تجاوز الأزمة وحلوله البديلة لإتمام تعهده بانفصال البلاد في 31 أكتوبر.

تلقى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء صفعة جديدة بعد أن اعتبر القضاء الاسكتلندي قراره تعليق البرلمان حتى 14 أكتوبر “غير قانوني”، أي قبل أسبوعين فقط من موعد بريكست، في حين أعلنت الحكومة أنها ستستأنف الحكم.

وتتحدث تقارير عن سعي جونسون لتخفيف شروط تفاوضه مع الاتحاد الأوروبي خاصة بند شبكة الأمان المثير للجدل للعودة باتفاق جديد يلبي مطالب المعارضة مع عودة البرلمان للنشاط منتصف الشهر المقبل.

وإن ما صحت هذه التسريبات سينجح جونسون في الوفاء بتعهده للانفصال عن أوروبا في 31 أكتوبر لكن بنفس الشروط التي توصلت أليها رئيس الوزراء السابقة تيريزا ماي.

وعلى الفور أعلن مصدر حكومي أن هذا القرار “لا يغير شيئا” حاليا، فيما طالبت المعارضة الحكومة بالعدول عن قرار تعليق البرلمان.

وأعلنت الحكومة على الفور استئناف الحكم أمام المحكمة العليا في لندن. وصرح مصدر لوكالة الصحافة الفرنسية “لم يصدر أي أمر بإلغاء قرار تعليق البرلمان”.




وبعد أن رفع حوالي ثمانين برلمانيا شكوى أمامها، اعتبرت محكمة الاستئناف في أدنبره أن قرار جونسون يرمي إلى “تعطيل عمل البرلمان” ووصفت التعليق بأنه “غير شرعي” و”لاغ وباطل”.

وقالت الحكومة البريطانية في بيان “نشعر بخيبة أمل بسبب القرار وسنستأنف الحكم أمام المحكمة العليا”.

وطلب الحزب العمالي، حزب المعارضة الرئيسي، كما رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجون باستئناف أعمال البرلمان فورا.

وهذا أول انتصار قضائي لمعارضي تعليق أعمال البرلمان المثير للجدل. واعتبر معارضو جونسون هذه الخطوة مناورة لجأ إليها رئيس حكومة المحافظين لمنعهم من عرقلة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

وكانت محكمة البداية الاسكتلندية رفضت دعوى حوالي 80 من البرلمانيين المؤيدين لأوروبا لمنع تعليق البرلمان.

واعتبر القاضي ريموند دوهرتي حينها أن التعليق مسألة سياسية لا يمكن تقييمها وفق المعايير القانونية “وإنما فقط على أساس الأحكام السياسية”، مضيفًا في حكمه أن اتخاذ القرار يعود إلى البرلمان أو الناخبين.

ولكن القضاة في محكمة الاستئناف الاسكتلندية اعتبروا على العكس أنه يمكنهم إعلان أن هذا التعليق غير شرعي لأن الهدف منه كان السماح للحكومة بالعمل بعيدا عن مراقبة النواب، بحسب ملخص للقرار نشرته محكمة الاستئناف في أدنبره.

وقال كير ستارمر المتحدث باسم الحزب العمالي “لا أحد يفكر منطقيا واقتنع بالأسباب التي تذرع بها جونسون لتعليق أعمال البرلمان” معتبرا أن البرلمان يجب أن يستأنف أعماله “فورا”.

ووجهت رئيسة الوزراء الاسكتلندية النداء نفسه لكي يتمكن البرلمان من مواصلة “عمل الرقابة المناط به أساسا”، وعلقت أعمال البرلمان ليل الاثنين إلى الثلاثاء لخمسة أسابيع وسط أجواء سياسية مشحونة.




وجرى تعليق البرلمان في خضم احتجاجات شديدة للمعارضة التي رفع نوابها ملصقات كتبت عليها عبارة “تم إسكات صوته” وهتفوا “عار عليكم!” في مواجهة زملائهم المحافظين. وقبل ذلك، ألحق النواب هزيمة ثانية برئيس الحكومة في غضون أيام قليلة بإسقاطهم مقترحه لإجراء انتخابات مبكرة في 15 أكتوبر سعياً للحصول على غالبية جديدة وعلى هامش من المناورة.

وقبل أي تصويت، تريد المعارضة أن تتأكد من إلغاء احتمال “الخروج دون اتفاق” وتجنب الفوضى الاقتصادية التي يُخشى أن تلي ذلك، وتأجيل بريكست ثلاثة أشهر أخرى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 19 أكتوبر، وهو ما أيده البرلمان الأسبوع الماضي.

وكتب الخبير القانوني ديفيد آلن غرين على تويتر أن فرص تأييد الحكم أمام المحكمة العليا في لندن “معدومة”، مؤكدا أن القانون الاسكتلندي “مختلف تماما” عن القانون في بريطانيا وويلز، فيما رفعت شكاوى أخرى في إيرلندا الشمالية ولندن لم تفض حتى الآن إلى نتيجة. وأكد رئيس الوزراء البريطاني الثلاثاء أنه يعمل جاهدا للتوصل إلى اتفاق حول بريكست مع الاتحاد الأوروبي بعد أن علّقت أعمال البرلمان عقب سلسلة من الضربات القاسية التي تلقاها من النواب بسبب خطته لخروج البلاد من الاتحاد.

وغداة لقائه رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار في دبلن، أجرى جونسون محادثات مع حلفائه في إيرلندا الشمالية في لندن، وهم جميعا من اللاعبين الرئيسيين في السباق للتوصل إلى اتفاق قبل موعد مغادرة بريطانيا للاتحاد في 31 أكتوبر.

وواجه جونسون معارضة شديدة في مجلس العموم بسبب تهديده بمغادرة الاتحاد الأوروبي دون الاتفاق على شروط الخروج، كما رفض النواب دعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة لحل الأزمة.




وتولى زعيم حزب المحافظين رئاسة الوزراء في يوليو واعدا بإعادة التفاوض على شروط بريكست التي توصلت إليها تيريزا ماي -سلفه- ورفضها النواب ثلاث مرات.

ولكن الاتحاد الأوروبي يرفض ذلك حتى الآن، ويتهم لندن بالإخفاق في طرح بدائل قوية للبند الأكثر إثارة للجدل في الاتفاق وهو ما يسمى بخطة “شبكة الأمان” للإبقاء على الحدود مفتوحة بين المملكة المتحدة وجمهورية إيرلندا.

والثلاثاء التقى جونسون أرلين فوستر زعيمة الحزب الوحدوي الديمقراطي في إيرلندا الشمالية، الذي يدعم حكومته.

وتسري شائعات تفيد بأن جونسون سيخفف مطالبه التفاوضية حول إلغاء بند “شبكة الأمان” من اتفاق بريكست، رغم نفي الحكومة البريطانية ذلك، ومن المرجح أن يرفض الحزب الوحدوي مثل هذه الخطوة.

ومن المقرر أن يعود مبعوث جونسون لدى الاتحاد الأوروبي ديفيد فروست إلى بروكسل في وقت لاحق من هذا الأسبوع لإجراء محادثات.

وفي هذه الأثناء في لندن التقى عدد من النواب من مختلف الأحزاب لمناقشة كيفية تمرير اتفاق بريكست القديم في البرلمان في حال فشل جونسون في الحصول على اتفاق جديد.

وقال النائب المحافظ المتمرد روري ستيوارت “هناك مخرج واحد فقط من هذه المشكلة وذلك من خلال الحصول على أغلبية للاتفاق في البرلمان”.