وكالات

الإثنين - 30 نوفمبر 2020 - الساعة 11:52 ص بتوقيت اليمن ،،،

لندن

عاش العالم الإيراني محسن فخري زاده، الذي اغتيل الجمعة الماضي، حياة تكتنفها السرية لدرجة أن سنه كان سرا من الأسرار المحكمة، لكن جانبا كبيرا من البرنامج السري الذي يعتقد أنه أداره لصنع سلاح نووي كان معروفا منذ فترة طويلة.

وتشتبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أن فخري زاده أشرف على أبحاث سرية لتركيب رأس حربية على صاروخ باليستي واختبار مواد شديدة الانفجار تلائم السلاح النووي وكذلك تخصيب اليورانيوم.

وبينما تصر إيران على أنها لم يكن لديها مثل هذا البرنامج أو أي طموح لصنع قنبلة نووية، تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمخابرات الأميركية أن طهران كان لديها برنامج لصنع سلاح نووي وأنها أوقفته في العام 2003.

وكانت الشكوك التي تراود الغرب خشية أن تستأنف إيران ذلك البرنامج محور الاتفاق الذي تم إبرامه عام 2015 ووافقت طهران بمقتضاه مع القوى العالمية على تقييد أعمالها في المجال النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، وعارضت إسرائيل ألد أعداء إيران هذا الاتفاق بشدة وانسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 2018.

ويعد اغتيال فخري زاده ضربة لإيران في ضوء الحراسة اللصيقة التي كان يتمتع بها وابتعاده عن العيون، غير أن مسؤولين إيرانيين يقولون إن إيران لديها شبكة من العلماء لشغل أي فراغ ينشأ.

وقالت أريان طباطبائي الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بصندوق مارشال الألمانية وجامعة كولومبيا لوكالة رويترز إن “موت فخري زاده ضربة موجهة لطهران شبهتها بمقتل قاسم سليماني القائد العسكري الإيراني الكبير في هجوم أميركي بطائرة مسيرة في يناير الماضي”.

لكنها أشارت إلى أن عمله في إقامة بنية أساسية لدعم الأبحاث النووية الإيرانية معناه أن “موته لن يغير مسار برنامج إيران النووي بصفة جوهرية”.

وردد مسؤولون إيرانيون هذا الرأي، فقد قال فريدون عباسي العالم النووي الإيراني والرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية والذي نجا من محاولة اغتيال في 2010، إن فخري زاده “كوّن شبكة من العلماء ستواصل عمله”.

ورفعت إيران مستوى نشاطها النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق فتجاوزت الحدود المنصوص عليها في ما يتعلق بإنتاج اليورانيوم المخصب الذي يمكن تطوير تخصيبه ليصبح جاهزا للاستخدام في السلاح النووي، ولكن طهران لا تزال تملك كمية أقل بكثير من المخزون الذي كان لديها قبل 2015.

ورغم بقاء فخري زاده في الظل فقد توصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2011 إلى أنه الشخص الذي تشير الشبهات إلى أنه رئيس خطة “آماد” التي يعتقد أنها وضعت قبل عقدين للإشراف على العناصر الرئيسية في برنامج السلاح النووي.

وفي حين أن من المعتقد أن البرنامج العسكري ألغي في 2003 فقد قالت الوكالة في “تقييم نهائي” صدر عام 2015 إن ثمة مؤشرات على أن هذه الجهود المعنية توقفت في 2009، وكان فخري زاده الوحيد الذي ورد اسمه في ذلك التقرير.

وعلى مدى سنوات نشرت الوكالة الدولية، بفضل صلاحيات تفتيش جديدة أكثر تدقيقا، تقارير تظهر أن إيران ملتزمة بالقيود الجديدة المفروضة بموجب الاتفاق النووي الذي يهدف إلى إطالة أمد الفترة التي تحتاج إليها إيران لإنتاج كمية كافية من المواد النووية اللازمة لصنع القنبلة، إذا كان هذا هو ما تسعى لتحقيقه، إلى سنة بدلا من شهرين أو ثلاثة أشهر.

وبعد دخول ترامب البيت الأبيض وإطلاقه وعدا بإلغاء الاتفاق النووي صعدت إسرائيل حملة رددت فيها أن إيران تكذب في ما يتعلق بمدى أنشطتها النووية السابقة وزادت من وتيرتها في 2018 حين أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل وضعت يدها على “أرشيف” ضخم من الوثائق الإيرانية يظهر أن طهران أنجزت أعمالا أكثر مما كان معروفا من قبل.

وأطلعت إسرائيل الوكالة الدولية وحلفاءها على هذا الأرشيف. ويقول دبلوماسيون إن الأرشيف تضمن في ما يبدو معلومات إضافية عن أنشطة تمت خلال فترة قيادة فخري زاده لخطة “آماد” في أوائل سنوات الألفية الثالثة.

ويقول دبلوماسيون إن الوكالة الدولية الذرية تفقدت منذ ذلك الحين عدة مواقع ربما تكون لها صلة بخطة “آماد”، الأمر الذي أدى لسد بعض الثغرات في المعلومات لكن دون الكشف عن مجالات جديدة كبرى في ما يتعلق بتصنيع السلاح.

ويعمل مصنع التخصيب الرئيسي لدى إيران في نطنز، المبني تحت الأرض لحمايته من القصف، بنسبة يسيرة من طاقته الإنتاجية قبل عام 2015 بفعل الاتفاق النووي، غير أن إيران تخصب اليورانيوم في منشآت أخرى أيضا كما أن مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب يتزايد.