كتابات وآراء


السبت - 22 يونيو 2019 - الساعة 06:53 م

كُتب بواسطة : أمين الوائلي - ارشيف الكاتب


غداً (في المستقبل) سوف تنشأ وتنشط حملة إخوانية مسعورة للمطالبة بطرد السعودية من التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن بقيادة السعودية.

انسحاب الإمارات من التحالف سيعني، في أقل الأحوال والاحتمالات، أن توفر الإمارات الكثير من النفقات والتبعات والبرامج والميزانيات الهائلة. وأن تنوء السعودية لوحدها بالأعباء والمسئوليات والتبعات.

الكلفة المالية ليست مشكلة بالنسبة للمملكة.
لكن الأموال وحدها، وهما معاً (الإمارات والسعودية)، لم تحل مشاكل الشرعية.
ولن تفعل ذلك عندما تكون السعودية لوحدها بالتأكيد.

مع احتساب زيادة كمية ونوعية في الإشكالات والتعقيدات توالدا عن متغير انسحاب شريك وكافل أساس لحلفاء ولاعبين وفاعلين محليين على مساحة واسعة من الجغرافيا وهم أهلها وليست مقيدة بصك ملكية لعلي محسن والإخوان.

من الغباء توقع أن هؤلاء سيكونون عندها، مثلاً، أقل مما هم عليه الآن في المواقف والقناعات الخاصة حدة وشدة.

والأرجح هو أن ردة الفعل ستولد مسارات أحد وأشد وأعنف بكل تأكيد.

عندها حجم وكم المشاكل والملفات والاستحقاقات، التي تتقاسمها سوية أبو ظبي والرياض في الأثناء، ستكون أكثر وأكبر وأخطر. وجميعها من مسئولية الرياض لوحدها.

ولست ممن يرى أن الإخوان يخدعون السعوديين بلا توقف. وأرى أن السعوديين ينخدعون للإخوان ومن في حكمهم.

لكن التبعات والنتائج لن تكون هي نفسها فيما لو انفردوا بالرياض لوحدها وشقوا شراكة وتحالف القطبين الخليجيين الكبيرين.

تفكيك وتفتيت التحالف السعودي الإماراتي لن يتوقف في النتيجة والأثر عند التحالف الطارئ دعماً للشرعية في اليمن.

وسوف تتسرب الشقوق، حتماً، إلى أرضية التحالف والبيت الخليجي غير المحصن حقيقة من التشققات والشروخ إن لم نقل التصدعات قطرية المنشأ.

وليست التحركات والاندفاعات الإخوانية المحرضة والمستهدفة للإمارات (الآن) ودورها في التحالف بعيدة عن الخلفيات القطرية أو بمعزل عنها.

وليس الإخوان -بدون قطر أو معها- بديلاً من أي نوع، عن الإمارات بالنسبة إلى المملكة التي تعي تماماً الحاجة إلى التكتل والاحتشاد (الآن) وليس التشرذم كما يقترح ويدفع الإخوان.

وهناك من يدفعهم ويدفع بهم إلى مواجهات ومعارك عبثية ليس ضد الإمارات، بل ضد التحالف الذي تقوده السعودية وأهم شريك معها فيه هي الإمارات.

لن تخسر الإمارات شيئاً بمغادرة التحالف ورفع يدها. لكن مصلحة اليمن والسعودية والإمارات ومصلحة التحالف بطرد الإخوان من التحالف.

كتبت هذا مبكراً: كان طرد قطر يقتضي بالضرورة طرد الإخوان.

وفي الحقيقة فإن خطاب وعنوان "طرد الإمارات"، وهي حملة وقحة، تبدو مصاغة ومفصلة بعناية وقصد كرد متأخر على عبارة وقرار "طرد قطر" من التحالف يومها.
وسوف تستخدم بالمثل على السعودية. والأيام بيننا.

والذين يجادلون بأن السعودية مرتاحة لما يفعله الإصلاحيون. وأن الصمت، على الأقل، يوحي بهذا. فكأنهم يجادلون بأن الرياض سعيدة وهي ترى الأمور ذاهبة إلى المطالبة بطرد السعودية نفسها. لأن هذا الطريق يؤدي، حتماً، إلى هذه النتيجة. أو إلى إغراق السعودية واستنزافها ومحاصرة المستقبل الذي يمثله ويتمثله الأمير الشاب الذي لا يخفي كراهيته للإخوان.

طالت وتشعبت معارك الإخوان ضد الإمارات. ليس لأن الإمارات لا تحب الإخوان، بل أكثر من ذلك لأن الإخوان لا يحبون الإمارات.

وهم لا يحبون السعودية أيضاً. يحبون قطر وتركيا نعم. ومن الإنصاف القول إنهم الآن يحبون أموال وعطايا السعودية التي لا تطلب إخلاء عهد على الإطلاق وتعرف أنهم لن يكفوا أو يكتفوا.

عودة سريعة إلى مقولات وشعارات وخطابات الإخوان في ساحات وجمع وفعاليات النزق الإخواني المسعور منذ 2011 كافية لاسترجاع ما قيل يومها في وعن السعودية ومقارنته بما يقال اليوم في وعن الإمارات.

المفاجأة الوحيدة هي أن نجد أحداً يتفاجأ من التشابه حد التطابق بين الحالتين. وهناك اليوم جزء منهم يقولها ويرددها علناً ضد السعودية والإمارات معاً.

كل أغراض وأمراض الموغرين والمحرضين والمسعرين ضد الإمارات قابلة هي نفسها للاستخدام اليوم أو غداً ضد السعودية. وسوف تستخدم بالفعل.

هؤلاء الذين يتمسحون بالسيادة ورفض الوصاية في حملتهم ضد الإمارات. إنما يعيدون أو يستعيدون ما فعلوه في 2011، من جُمع ومسيرات وفعاليات صاخبة، باسم رفض الوصاية السعودية.

ولم يكن ثمة تحالف أو دور إماراتي يذكر في اليمن. لكن كانت قطر والجزيرة. ولم يتغير شيء إلى اليوم.

إخوان الخروج على الشرعية وشركاء الحوثيين في ساحات ومؤامرات إسقاط النظام، هم أنفسهم إخوان الشرعية والنظام. وإخوان رفض الوصاية السعودية هم أنفسهم اليوم إخوان رفض الوصاية الإماراتية. وهم دائماً إخوان الوصاية القطرية التركية.

عصابة من اللصوص والفاسدين والفاشلين والمتآمرين والقتلة والهاربين يعيدون تفعيل أنفسهم مرة بعد مرة، وراحوا يشكلون جماعات وإمارات وإقطاعيات خاصة وجيوشاً خاصة، ويخوضون معارك وصراعات خاصة ومغرضة.

فمن قال إن اليمنيين يقبلونهم أو بهم خياراً للغد؟ لأي غد ولأي دور في الغد؟

هذا وَهمٌ كبير ينبغي أن يتحرّر منه الجميع. فلا فرق بين هؤلاء والحوثيين.

ويخدع نفسه من يعتقد أن اليمنيين، وبعد كل هذه الخسائر والمعاناة، سوف يقبلون بأكابر مجرميها من جديد يا جديد.

لا يفهم شيئاً من لا يفهم هذا.