كتابات وآراء


الخميس - 04 فبراير 2021 - الساعة 01:55 م

كُتب بواسطة : عبدالباري طاهر - ارشيف الكاتب



ارتبط اللواء الركن (يحيى مصلح مهدي) باكرا بالحركة الوطنية بدءا بالدراسة في جامع المراوعة . تعرفت عليه في خمسينات القرن الماضي (العشرين الميلادي) ، حيث تزاملنا عند الفقيهة (دحمانة ) بالمراوعة .
كان حينها يافعاً و طالباً مجداً . انتقل الى الحديدة ليتلقى التعليم الحديث فدرس حتى الثانوية العامة ، و من ثم التحق بدأب و مثابرة و صبر بالكلية الحربية بصنعاء بعد التحضيرية .

كان قريباً جداً من كبار الضباط الذين اشتركوا و اضطلعوا بدور في حركة (١٩٤٨م) امثال الشهيد (قاسم الثور ) و العميد ( عبدالله الضبي ) و المشير (عبدالله السلال ) ، قائد الثورة اليمنية سبتمبر (١٩٦٢م ) . حينها كان ذكاء الطالب (يحيى مصلح ) و نباهته و شجاعته في الصدع بالحق تلفت الانتباه . و له في ذلك مواقف كثيرة ، سيلاحظه القارئ في هذه المذاكرات ، و لعل أبرزها و أكبر دليل على موقفه في تهدئة المواجهة في ( الفوقر _ قضية الزرانيق ) لولا ان اطرافا مؤثرة كانت لها مصالح في قطع الطريق على الحل اللادموي .

و اشتهر (يحيى مصلح ) بكفاءته الادارية فيما أن بعض الضباط من المناضلين لم يوفقوا عندما أسندت اليهم مهمات ادارية ، و نلحظ ذلك من خلال توليه عدة مناصب منها ، عندما تولى مسئولية وزارة التموين و بعدها محافظا للواء ذمار فلواء اب ، فلواء صنعاء و الامانة ، فلواء صعدة، ثم محافظا للواء ذمار مرة ثانية مثلا ، و كان قدوة لرجل الدولة النظيف و الحازم رغم انه قبل ذلك كله كان مناصلاً و محارباً و مدافعاً عن الثورة و النظام الجمهوري . و عندما أصبح في مجلس الشورى ثم في مجلس النواب قبل و بعد الوحدة في ال (٢٢ ) من مايو (١٩٩٠م ) . كان صوته مجلجلاً ، و من أعلا الاصوات الناقدة و الجريئة . و قد تعرض لمشاكل جمة بسبب صدقه و صراحته .

ابتدأ اللواء الركن ( يحيى مصلح ) التفكير في جمع و تدوين مذكراته مبكراً . و قد بدأ في اوئل الثمانينات . حيث سجل بعض جوانب حياته خصوصاً دوره في الثورة ، و تحديداً في حجة التي كان واحداً من قياداتها الثورية . و قد نشر جانبا منها في مجلة ( دراسات يمنية ) .

إن الاهتمام بالتدوين لواقع و احداث الثورة اليمنية سبتمبر و اكتوبر امر على جانب من الاهمية ، و قد صدرت العديد من الكتب لبعض رجال الثورة ، و قد اشار استاذنا الدكتور ( عبدالعزيز المقالح ) الى بعضها في كتاب صدر عن مركز الدراسات و البحوث اليمني .

تصفحت ذلك الكتاب الضخم أو بالأحرى بعض فصوله و رأيت ان مجهوداً كبيرا قد بذل في تتبع الاحداث و الواقع فهو يعطي صورة جليه لاحداث فترة زاهية و مجيدة في تاريخنا المعاصر .
و يقينا فإن اللواء الركن ( يحيى مصلح ) واحد من صناع هذه التجربة الرائعة و احد شهودها الاحياء . و مذكراته تضيف _و لا شك _ الكثير ، و لعل الميزة الحقيقية لهذه المذكرات و لصاحبها المناضل ( يحيى مصلح ) انها تكشف جوانب لم يسبق ان تطرق اليها احد قبله .

فالثورة اليمنية سبتمبر (١٩٦٢ م) قد شارك فيها الوان طيف سياسي و مجتمعي مختلف و متباين . و يستطيع كل واحد من الضباط الاحرار سواء الضباط الكبار امثال المشير ( عبدالله السلال ) و (حمود الجايفي )، و ( عبدالله الضبي ) ، و ( قاسم الثور ) و غيرهم ان تبوءوا مكانة مرموقة في هذا السياق باعتبار انهم قد ظلوا على صلة و تواصل بالحركة الوطنية . و تستطيع البقية منهم و من ضباط بعثة ( ١٩٤٧ م ) _بعثة الاربعين _ و منهم : ( عبداللطيف ضيف الله ) ، و ( عبدالله قايد جزيلان ) ان يضيفا الكثير ، فقد كانا في الصف الاول للثورة .

و اللواء الركن ( يحيى مصلح ) _ المناضل _ لم يكن بعيدا عن بعض رجال الصف الاول الذي اكتسب مكانة ليس فقط من الابوة الروحية فحسب و انما _ايضا _بالتواصل و النضال مع الاجيال الجديدة و الشابة من الضباط الاحرار ، و شباب الحركة من مختلف التيارات السياسية .
فتحية للمناضل ( يحيى مصلح ) ، و تحيه لدوره المشهود .
شكراً لتقديمه إضافة توثيقية جديدة رافدا مهما للتوثيق للحدث العظيم .. يوم السادس و العشرين من سبتمبر المجيد .

من مقدمتي لمذكراته شاهد على الحركة الوطنية سيرته و نضاله