كتابات وآراء


الأربعاء - 21 يوليه 2021 - الساعة 10:52 م

كُتب بواسطة : عزام دبوان - ارشيف الكاتب


وفاؤنا للفن، لا يكون بمحاكاته ومحاولة تقديمه للجمهور بأسلوبهِ الأول، وفاؤنا للفن، يكون بأخذه بصورته الأولى، والعمل على تطويرهِ.. فتكرار الفن لا يكون إحياءً له، بل تحنيطًا لجثتهِ، الأحياء الفعلي للفن يكون بتشرب جمالياتهِ ثم إطلاقها في سياق مختلف وزمن جديد، هكذا يقول أحدهم. وإن هذا لهو خلاصة كل الأحاديث والنقاشات عن الفن...

يعود الفن التهامي للواجهة، بعد أن طُمِرَ لمدة طويلة من الزمن، طُمرَ الفن التهامي كما طُمرت حقوق الإنسان التهامي أيضًا، ولكن، ها هو الأول يعود للواجهة على لسان عبدالله آل سهل، وبلا شك سيبعث الله من يُعيد للثاني بهجتهُ وحقوقهُ..

ما إن يتغنَّى الفنان عبدالله آل سهل، بالأغاني التهامية بطريقتهِ المعاصرة الحديثة، يجعلك تستشعر الإنسان التهامي المكافح وانت تسمع له. يتجلَّى أمامك، الإنسان التهامي التوَّاق للحياة رغم قساوتها وضراوت أيامها عليه. يجعلك تلتمس في صوته الروح التهامية النبيلة، والتي رغم فقرها وعوزها، إلا أنها ظلت متمسكة بإنسانيتها نقية ومسالمة. تلك الروح الشديدة البأس، التي لا تحيد عن طريقها رغم شقاوة الظرف المعيشي، كان بإمكان صاحبها أن يكون قاطع طريق أو مجرمًا أو محتالًا، إلا أنه لم يكن كذلك قط، بل كان أنبل انسانٍ عرفه اليمني على مر العصور.. فمن سعف النخيل وتربة الأرض وحرثها، استخرج التهامي لقمة عيشهِ متحديًا ظروفهُ بكل شجاعة. طوال حياتهِ ظل التهامي منتصب القامة، لم ينكسر أبدًا، فكان في شموخهِ كنخيل تهامة، وكعششها في ثباتهِ وبساطتهِ..

لستُ تهاميًا، ولكني أشعر بذلك حين اسمع عبدالله آل سهل، يغني الموروث التهامي الأصيل. ربما القرب الجغرافي في إلى تهامة، والاحتكاك الدائم بأهلها، وايضًا الأقتناء الدائم لمنتجاتها الطبيعية واليدوية، جعل هذا الشعور يخالجني وانا اسمع الفن التهامي على لسان عبدالله..

كان الفن التهامي محصورًا في نطاق معين وبيئة معينة، قبل ظهور الفنان عبدالله، اليوم أرى أن الفن التهامي اصبح يتوسع النطاق ويتجاوز_بشكلٍ كبير_ البيئة التي إنحصر فيها، لقد غدا جائبًا متجولًا كل مدينة يمنية وقرية وحيٍ وريف..

عبدالله آل سهل، الفنان الوحيد الذي أعاد الفن التهامي للواجهة من جديد. بشكلٍ يحاكي الزمن الذي نحن فيه. ولئلَّا يظل الفن التهامي مطمورًا ومحنطًا في تابوتهِ، تغنَّى به هذا الشاب كما يليق به، فكان له الدور في جعل كل أطياف المجتمع اليمني، تستمع للفن التهامي الجميل وبشغف، بشكلٍ لم يسبق لإحدٍ من قبل أن فعل ذلك. فلك المجد يا عبدالله، ولصوتك الجميل البقاء الدائم ..



كل عام وانت بخير.