الجمعة - 10 مارس 2023 - الساعة 08:41 م
عبر عقود من النضال والحراك النسوي .. استطاعت النساء في اليمن في العهد الجمهوري انتزاع بعض الحقوق ، وبعض الترضيات السياسية ، فرضها واقع اقتصادي وضغط دولي ومتغيرات زمنية محددة ، لكن ظلت كل تلك الانجازات رغوة على سطح المجتمع المناهض لفكرة المساواة ، كما حصدت صنعاء كمركز للسلطة تلك الفوائد ، نابذة بنات المدن الاخرى والارياف ، والتي ظلت فيها النساء منعدمات الحقوق تحت طائلة الفقر والجهل والمرض والسلطة الابوية الذكورية
لقد وصلت النساء في فترات الانفتاح السياسي مع الدبلوماسية الغربية إلى بعض مراكز صنع القرار في حضور شكلي ديكوري ، وبالتالي حرمت النساء من الاستفادة من التمثيل النسوي في الحكومة والبرلمان لتحسين أوضاع النساء والفتيات
كانت هذه صورة بانورامية ودعونا نتحدث عن تهامة التي عانت الإقصاء والتهميش اكثر من غيرها ، وطال ذلك الاقصاء والتهميش نساء تهامة اللواتي تم استثناءهن من التمثيل في الحراك النسوي ، الذي ظل - في هرمية سلطوية مناطقية وسلالية وأسرية - حكرا على نساء من صنعاء وتعز ، والسلاليات خاصة اللواتي احتكرن العمل الحقوقي النسوي ليسخرنه فيما بعد لصالح الانقلاب الحوثي .
لقد عانت نساء تهامة من الإمامة إلى الجمهورية وحتى الإنقلاب من النسيان والإهمال والتجاهل ثلاث مرات مرة لأنهن نساء ومرة لأنهن تهاميات ومرة لأنهن في الغالب سود البشرة ، وعانت تهامة ونساءها من الازدراء المجتمعي ، وحرمن عمدا من الحق في المناصب وفي الوظيفة العامة ، كما شهدت تهامة نسبةً أكبر من زواج الطفلات ، وختان وتشوية الاعضاء التناسلية الأنثوية ، ومن التسرب من التعليم ، وارتبط ذلك بشكل جوهري بانعدام الخدمات والمرافق وغياب الدولة عن تهامة
وحين حاصرتنا الجائحة الحوثية بايدلوجيتها الفكرية الكارهة للنساء كجماعة دينية وعقائدية متطرفة وإرهابية ضربت الحركة النسوية ككل في مقتل وسلبت النساء فتات تلك الحقوق المدنية والحريات الاساسية التي نالتها في العهود السابقة
ونالت تهامة ونساء تهامة نصيب الأسد من الانتهاكات الحوثية .. ليس فقط لاستضعاف واحتقار الانسان التهامي ، ولكن ايضا في حقد سلالي متوارث منذ الإمامة التي قاومتها تهامة وقضت مضجعها
في الحقيقة … لا يزال الطريق طويلا ووعرا أمام النسويات في اليمن لانتزاع كافة حقوقهن المتساوية وعلى كافة الأصعدة وايقاف العنف الجندري الممنهج والعشوائي ضد النساء ، خاصة بعد ان قلب الحوثيون الطاولة على الحركة النسوية وشقوا صفها ، بل وجعلوا النساء تشارك في قمع والعنف ضد النساء ، كما أن الحرب انعكست طرديًا على تزايد حالات العنف المجتمعي ضد المرأة .
خلاصة القول لابد من إعادة لملمة شتات الحراك النسوي ، وإعادة البوصلة للنضال النسوي الذي حرفته المليشيا الحوثية لحرب النساء على النساء ، ونحتاج للعدالة والمساواة في التمثيل
وتحتاج ومن حق تهامة التي صبرت وصابرت وتعالت على جراحها لعقود طويلة أن تمثل ومن حق نساء تهامة أن ينصف أو ولو من باب السخرية أن يتساوين بالظلم مع بقية النساء …ظلم أقل حدة ومرارة وانتهاك للإنسانية !
من حق نساء تهامة أن يمثلن في صناعة القرار وفي المناصب الإدارية والعليا وفي الحركة النسوية ، ومن حق بنات ونساء تهامة أن يتعلمن ويعملن وينصفن ، وأن يتفتحن كالازهار بعيدا عن القمع والارهاب الجندري والعنصرية اللونية والتمييز الجغرافي .
آن أوان إنصاف وتكريم تهامة التي تغرقنا بخيراتها ، وإعادتها لمكانتها التاريخية العريقة ، واحترام التنوع والاختلاف ليزدهر هذا الوطن بكل ابناءه وبناته بالعدل وبالتساوي
وكل عام وكل نساء اليمن مُنصفات مكتملات المواطنة متساويات في الحقوق والواجبات