كتابات وآراء


الأربعاء - 25 يونيو 2025 - الساعة 03:42 م

كُتب بواسطة : مطيع سعيد سعيد المخلافي - ارشيف الكاتب




منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن في أبريل 2022م، نشأت آمال عريضة بأن يشكل هذا المجلس إطاراً جامعاً يعكس روح التوافق الوطني، وينقل البلاد من حالة الانقسام إلى مسار الدولة ومؤسساتها. ومع مرور الوقت، بدأت تتكشف ممارسات تتنافى مع هذه الروح، خصوصاً ما يرتبط بأداء رئيس المجلس الدكتور رشاد محمد العليمي، والذي يُلاحظ في بعض قراراته وتوجهاته خروجاً واضحاً عن الإطار التوافقي والنظامي الذي بُني عليه المجلس.

لقد تأسس مجلس القيادة الرئاسي على مبدأ الشراكة السياسية والتوازن الوطني، كمخرج توافقي لتوحيد القرار السيادي وإنقاذ البلاد من الانقسام. لكن مؤخراً برزت مؤشرات مقلقة على تجاوز هذا الإطار، من خلال تغييب بعض أعضاء المجلس عن الاجتماعات، واتخاذ قرارات سيادية وتنفيذية دون توافق أو تشاور مسبق، وعدم تمثيل بعض المكونات السياسية في المناصب الحكومية، جوهو ما يُعد خرقاً للنظام السياسي الحاكم للمرحلة الانتقالية، وإضعافاً لمبدأ المشاركة الذي يُفترض أن يكون أساس شرعية المجلس.

مثل هذه الممارسات لا تخلق فقط فراغاً في الثقة، بل تُعمّق الشعور بالإقصاء لدى شركاء العمل الوطني، وتمنح انطباعاً بأن هناك محاولة للاستحواذ أو الانفراد بإدارة الدولة خارج الإجماع السياسي.

أكثر ما يبعث على القلق هو ملاحظة اتباع سياسة تمييز في العلاقة مع بعض القوى الوطنية، وتهميش أطراف فاعلة من الشراكة السياسية. حيث يتم منح قوى سياسية بعينها امتيازات في التعيينات والإدارة، في مقابل تجاهل أو تقليص حضور شركاء آخرين، في مشهد لا يُمكن قراءته إلا في إطار الإقصاء المنهجي.

إن ما تشهده بعض مؤسسات الدولة من تعيينات غير توافقية، أو قرارات إقصائية، يتنافى مع مبدأ المواطنة المتساوية، ويهدد بجر البلاد إلى مزيد من الاستقطاب والصراع الداخلي، في وقتٍ أحوج ما تكون فيه اليمن إلى مصالحة وطنية ومشروع جامع.

وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية، فإننا ندعو رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إلى مراجعة الأداء السياسي والإداري للمجلس، واتخاذ خطوات جادة نحو تصويب المسار، بما يحقق: الالتزام الكامل بمبدأ التوافق السياسي الذي قام عليه مجلس القيادة الرئاسي.
وضمان المشاركة المتكافئة لجميع المكونات السياسية في صنع القرار وإدارة المرحلة الانتقالية.
وإعادة الاعتبار لدور أعضاء المجلس كشركاء في القيادة، وليس كمستشارين هامشيين.
وتعزيز الشفافية في القرارات المتعلقة بالتعيينات والإجراءات الإدارية والمالية.
وفتح قنوات تواصل فعالة مع كافة الأطراف، بمن فيهم المختلفون سياسياً، لضمان شراكة حقيقية ومستدامة.

إن المرحلة الحالية لا تحتمل المزيد من الانقسام أو السياسات الفردية. والتمسك بالتوافق الوطني، وتجاوز منهج الإقصاء، ليس خياراً سياسياً، بل هو واجب وطني يفرضه الظرف الراهن، ويمليه منطق المصلحة العامة.

إن التاريخ لن يرحم من فَرّط بفرصة التوافق، ولا من ساهم في تفتيت وحدة الصف الوطني.