كتابات وآراء


الجمعة - 25 يوليو 2025 - الساعة 04:12 م

كُتب بواسطة : مطيع سعيد سعيد المخلافي - ارشيف الكاتب






منذ لحظة ظهورها على الساحة اليمنية، لم تمر المليشيات الحوثية على شيء إلا وتركته خراباً وركاماً. بدأت بتمردها على الدولة اليمنية وسلطاتها الشرعية، ثم ما لبثت أن انقلبت على النظام الجمهوري، معلنة حرباً شاملة على الوطن وهويته، وساعية لإعادة نظام الكهنوت والولاية الذي تجاوزه الشعب اليمني منذ ثورته ضد الإمامة.

زرعت هذه المليشيات بذور العداء والفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وأدخلت البلاد في حرب كارثية التهمت الأخضر واليابس، وأزهقت أرواح مئات الآلاف من المدنيين، وشرّدت الملايين، ودمّرت البنية التحتية، وأوقفت عجلة التنمية، وأغرقت البلاد في مستنقع لا قرار له من العنف والدمار.

وأغلقت طريق الوطنية، وسدّت كل نوافذ المساواة والعدالة والحرية، وانحرفت عن المصالح العليا للشعب اليمني، واختارت أن تكون أداة بيد المشروع الإيراني، تنفذ أوامره وتخدم أطماعه التوسعية والعنصرية في المنطقة، على حساب استقلال اليمن وسيادته ووحدته.

كما سلَّمت هذه المليشيا الأراضي اليمنية للحرس الثوري الإيراني ومليشياته الإجرامية، وتبنّت تنفيذ المخططات الإيرانية التخريبية، غير آبهة بدماء اليمنيين، ولا بمستقبل الأجيال القادمة، بل جعلت الوطن ساحة لصراع إقليمي مرير، دفع الشعب ثمنه باهظاً من أمنه واستقراره واقتصاده.

ومن أفظع جرائمها أنها مزّقت النسيج الاجتماعي، وقضت على الهوية اليمنية الجامعة، وأعادت الفوارق الطبقية والمذهبية والمناطقية، وقسّمت المجتمع إلى سادة وعبيد، في مشهد يذكر بعصور الظلام والجهل. كما دمّرت الاقتصاد الوطني، وزوّرت العملة، ونهبت الموارد والإيرادات، وجعلت من مؤسسات الدولة مصدراً للنهب والإثراء غير المشروع.

واستهدفت المليشيا المشاريع التنموية والخدمية، وفجّرت المنازل، واستقدمت عدواناً خارجياً دمّر المطارات والموانئ والمصانع والمشاريع الوطنية، وعبثت بالشركات والمؤسسات الخاصة، ونهبت البنوك والمصارف التجارية، واستولت على مساعدات المنظمات الإنسانية، وحوّلتها لأدوات حرب وبقاء.

أما التعليم، فقد طالته يد التحريف والتدمير، إذ عبثت بالمناهج الدراسية، وسمّمت عقول النشء بأفكار طائفية وعنصرية، ودمّرت المنظومة التعليمية بأكملها، بينما مارست أبشع أنواع الانحراف الأخلاقي، من الاتجار بالمخدرات والحشيش والممنوعات، إلى زراعة ملايين الألغام الفردية والجماعية في البر والبحر، والتي لا تزال تفتك بالمواطنين الآمنين يومياً.

واستهدفت المساجد، خاصة السنية منها، ففجّرت العديد منها، وقتلت العلماء والدعاة الذين رفضوا الخضوع لمشروعها الطائفي، ووقفت في وجه القيم والمبادئ السنيّة السمحة. كما أهانت القبائل، وتطاولت على مشايخها وقادتها، وفجرت منازل كل من تجرأ على رفض الانصياع لها.

ولم تسلم أي فئة من المجتمع من بطشها، فقد لاحقت واعتقلت السياسيين والإعلاميين والتربويين والأكاديميين والموظفين والتجار وحتى الأطفال والنساء والمهمشين والمسافرين، ولم يسلم منها حتى أصحاب صالونات الحلاقة، وأصحاب الاكشاك والبسطات، في مشهد يعكس شمولية القمع الذي تمارسه هذه الجماعة.

إن ما فعلته المليشيات الحوثية في اليمن، لا يمكن وصفه إلا بأنه ارتداد كارثي بالوطن إلى الوراء لقرون، وجر البلاد إلى الفوضى والصراع والدماء، خدمة لأجندات دخيلة لا تمت لليمن وهويته وتاريخه بأي صلة. واليوم، يقف اليمنيون في مفترق طرق، بين خيار استمرار هذا المشروع التدميري، أو التكاتف من أجل القضاء عليه واستعادة الدولة والجمهورية والكرامة الوطنية.