كتابات وآراء


السبت - 16 أغسطس 2025 - الساعة 10:39 م

كُتب بواسطة : مطيع سعيد سعيد المخلافي - ارشيف الكاتب




لم يعد القضاء في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية يمثل سلطة مستقلة أو مرجعاً للعدل، بل تحول إلى أداة قمعية تخدم أهداف الجماعة الطائفية ومشاريعها الإجرامية. فقد عمدت الميليشيا منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة إلى تفريغ السلطة القضائية من مضمونها، واستبدال القضاة المهنيين والمستقلين بموالين لها من أصحاب التوجه السلالي، ممن يفتقرون في الغالب إلى الكفاءة والنزاهة.

بات القضاء أداة بيد الحوثيين يستخدمونه لتصفية خصومهم السياسيين والفكريين، حيث تصدر المحاكم الخاضعة لهم أوامر بالاعتقال والملاحقة بحق كل من يعارض توجهاتهم أو يرفض الانخراط في مشاريعهم الطائفية. لا تتردد هذه الميليشيا في إصدار أحكام إعدام جائرة بحق الأبرياء، وتلفيق التهم الجاهزة ضد ناشطين وصحفيين ومعارضين سياسيين، دون أي مراعاة لأبسط معايير العدالة أو حقوق المتهمين.

لم يقتصر عبث الحوثيين بالقضاء على القمع فحسب، بل تجاوز ذلك إلى استخدامه كأداة للنهب المنظم. إذ تقوم المحاكم بإصدار قرارات بمصادرة ممتلكات وعقارات الأفراد والمؤسسات والمصارف، لمجرد الاشتباه بأن أصحابها لا يدينون بالولاء للجماعة أو قد يشكلون تهديداً محتملاً لمصالحها. بهذه الطريقة، أصبحت السلطة القضائية في خدمة مشروع النهب والفساد والهيمنة.

الأسوأ من ذلك أن القضاء الحوثي أصبح يغطي الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة، ويشرعن عمليات التعذيب والاختطاف والإخفاء القسري، بل ويعاقب الضحايا بدلاً من الجناة.

إن ما يجري في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية ليس إلا صورة مشوهة للقضاء، لا تمت بصلة لدولة النظام والقانون والمؤسسات. وما لم يتم استعادة الدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها القضاء، فستظل هذه المناطق ترزح تحت وطأة الظلم والعبث والانتهاكات التي تمارس باسم القانون زوراً وبهتاناً.