اخبار وتقارير

الثلاثاء - 07 فبراير 2023 - الساعة 06:11 م بتوقيت اليمن ،،،

متابعات

تفوح رائحة البخور باستمرار من منزل اليمنية وفاء الصرابي، لكن بالنسبة إلى الأرملة والأم لستة أطفال، فإن هذا المنتج هو مصدر رزق إذ تصنعه في مطبخها بنفسها وتبيعه لإعالة أسرتها.

ووفاء واحدة من آلاف النساء اللاتي يكافحن من أجل تغطية نفقاتهن وإعالة أسرهن في اليمن الذي مزقته الحرب.

والبخور هو مادة معطرة يتم تحضيرها في المنازل باستخدام خلطات سرية مختلفة ذات رائحة ذكية.

ولفتت الصرابي إلى أنها "حريصة على شراء المواد الأولية اللازمة (وهي تتكون أساسا من سكر النبات وماء الورد) لصنع هذه الأصناف من العطار وهي مواد أولية متعددة الجودة، وجودتها تنعكس على جودة المنتج النهائي، ثم نقوم بصنع هذه المواد بمقادير معينة ودقيقة، حيث أن عدم الدقة في تحضير هذه المواد يفسدها بشكل كامل".

وتضيف أن هناك طرقا عديدة لصناعة البخور، إلا أن أبرزها طحن مكونات البخور بشكل متجانس ووضعها على نار هادئة جدا وإضافة ما يتناسب مع كمية الخليط من الماء مع السكر بشكل مناسب، يليه وضع العطور بما في ذلك “العُودة” للخليط وبعد أن يتماسك يتم وضعه في قوالب خاصة.

وأدى التضخم ونقص العملات الأجنبية إلى جعل تأمين الغذاء والماء والوقود عسيرا على الكثيرين في البلاد التي تستورد معظم احتياجاتها.

ومن أجل تحسين ظروفها المعيشية، بدأت الصرابي العمل معلمة للغة العربية، لكن مع عدم الانتظام في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لأكثر من أربع سنوات الآن، حولت جهدها إلى بيع البخور.

وفاء
واحدة من آلاف النساء اللاتي يكافحن من أجل تغطية نفقاتهن

وتصنع وفاء كل أنواع البخور وأهمها العرائسي الذي تستخدم في صناعته العود والعطور والأخضرين ومواد نباتية أخرى، تقوم بخلطها وحرقها على نار هادئة للحصول على تلك المادة الصلبة المسماة البخور.

وأوضحت "أقل خلطة البخور الواحدة تكلفني 50 ألف ريال (حوالي 190 دولارا أميركيا) ولا تعطيني سوى أربعة أقراص أو خمسة أقراص على حسب حجم السكبة التي أسكبها، هذه أقل طبخة عندي".

وعن المشاكل والصعوبات التي تواجه صانعات البخور قالت وفاء “نواجه صعوبة في تسويق البخور والعطور لأنها ما تزال تعتمد على تحركنا نحن في الأعراس والمناسبات وأحيانا من خلال نساء يقمن بالتوزيع مقابل نسبة لهن، وبعض المحلات التجارية التي نعطيها منتجاتنا لتبيعها".

وبدأت وفاء في تدريب نساء أخريات وتمكينهن من الانضمام إلى السوق، قائلة ”لاحظت من خلال تدريباتي في أمانة العاصمة أو في محافظات أخرى إقبالا نسائيا كبيرا جدا خاصة على البخور وبعده الخياطة وكثير من السيدات أو الفتيات اللاتي دربتهن وفتحن مشغلا لهن في بيوتهن أصبح لهن مورد رزق يساعدهن على الحياة".

ويساعد صلاح الزريقي صاحب محل لبيع العطور والمواد الأولية لصنع البخور في صنعاء زبائنه وأغلبهم من النساء في تعريفهم بالأنواع المختلفة لتركيبات البخور.

وأوضح "‏مكونات البخور تأتينا من الخارج وما يُميزنا في اليمن هو الظفر والعنبر، هذا الظفر يعتبر من أجود الأنواع وفيه أنواع مختلفة، لكن أجودها يكاد يكون سعره مئة ألف ريال يمني للكيلو".

وقال “قبل الحرب كان عدد النساء اللواتي يشتغلن في صناعة البخور قليلا ومحدودا، أما اليوم فقد ازداد العدد بشكل كبير وأحيانا تستقبل محلاتنا في اليوم الواحد 200 امرأة ممن يأتين لشراء مواد ومستلزمات صناعة البخور".

وتابع “أغلب زبائني من النساء يشترينه ليس للاستخدام الشخصي وإنما لكي يفتحن لهن مشروعا يساعدهن لكسب الرزق بعد أن تردت الأوضاع الاقتصادية في البلاد، فمنهن من تساعد زوجها على تحمل تكاليف الحياة ومنهن من تعيل عائلتها".

وبالنسبة إلى العديد من النساء في بلد محافظ مثل اليمن، فإن إدارة الأعمال التجارية من المنزل هي الأفضل لأنها لا تتطلب منهن الالتزام بالذهاب إلى مكان العمل.

وقالت ذكرى القدسي وهي صانعة بخور إن دخولها إلى عالم إعداد البخور يعود لاهتمام المجتمع اليمني بهذه المادة العطرية وكثرة الإقبال على شرائها في المناسبات، بل إنها دائمة الاستخدام في العديد من المنازل بشكل يومي لأنها تبعث في النفس الارتياح والسكينة وهي تعرف كيفية صناعة عدة أنواع من البخور تناسب مختلف فئات الزبائن.

وأضافت "لاحظت أن في صناعة البخور فائدة اقتصادية فنصحت كثيرات من أقاربي وجيراني بهذه المهنة ليتمكنّ من رفع دخلهن الضعيف جدا، خاصة وأنه لا يكلف المرأة عناء الخروج للشارع إلا لشراء المواد الأولية أو لتوصيل البضاعة إلى من يوزعها من التجار أو النساء اللاتي يشتغلن في ترويج البخور والعطر بين المنازل".

وتشير الدراسات التاريخية إلى أن اليمن كان إمبراطورية البخور في العالم، فقد كان ميناء المخا مركزا تجاريّا مهمّا لتصدير البخور اليمني إلى مختلف ممالك وإمبراطوريات أوروبا وآسيا وأفريقيا.

وإلى جانب تعطير وتطييب النساء والمنازل والحفلات والأعراس، يستخدم اليمنيون البخور في مناسبات عديدة أخرى منها تطييب الأطفال حديثي الولادة ومراسم العزاء وحلقات الذكر. وتختلف نوعية البخور المستخدم بحسب طبيعة المناسبة، سواء كانت ولادة أو زواجا أو عزاء.