صدى الساحل - تقرير - حسين الشدادي
تشهد الساحة اليمنية حالةً من الترقب والتوتر في ظل تحركات سياسية وعسكرية مكثفة، تسعى لإحداث تغيير جذري في مسار الصراع.
وبينما يتحرك مجلس القيادة الرئاسي لحشد دعم إقليمي ودولي، يجتمع أعضاء قياديون في السعودية للتباحث مع التحالف حول التصعيد القادم.
يأتي هذا التحرك في وقت تشهد فيه الجبهات هدوءاً نسبياً، عدا عن بعض الاشتباكات المحدودة في لحج وشبوة، وسط توقعات باقتراب معركة حاسمة تستهدف إنهاء سيطرة الحوثيين وتقليص النفوذ الإيراني في اليمن.
تحركات عسكرية في مقابل استعدادات دفاعية حوثية
على الأرض، تتأهب قوات التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم تحرك عسكري محتمل قد يغير معادلة الصراع.
تقود السعودية هذا التحرك بحذر، خشية من تداعيات التصعيد على أمنها الداخلي.
من جانب آخر، اتخذت مصر موقفاً صارماً ضد التهديدات الحوثية التي تستهدف أمنها القومي، خاصة بعد هجمات طالت الملاحة في البحر الأحمر، وأثرت بشكل مباشر على قناة السويس وقطاع السياحة.
في المقابل، تحسباً لمعركة وشيكة، عزز الحوثيون استعداداتهم العسكرية عبر حفر الخنادق وتدعيم المواقع الاستراتيجية ونقل قواتهم من ذمار إلى الساحل الغربي والحديدة، مستعرضين قوتهم عبر مناورات عسكرية مكثفة.
وتوحي هذه التحركات بأن الحوثيين يدركون تماماً خطورة المرحلة المقبلة، ويرون فيها تهديداً مباشراً لسيطرتهم المستمرة منذ سنوات على صنعاء والمناطق الخاضعة لنفوذهم.
الدور الدولي والإقليمي: تقارب في المواقف وتصاعد الضغوط
من الواضح أن الضغوط الدولية تتزايد للتوصل إلى صيغة توحيد للصف اليمني ضد الحوثيين.
ويبدو أن هناك توافقاً على ضرورة الحسم العسكري لإضعاف النفوذ الإيراني وقطع خطوط الدعم الذي تتلقاه الميليشيات الحوثية من إيران.
يأتي ذلك وسط تقارير تشير إلى احتمال عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، وما يمكن أن يرافقها من تقارب أمريكي-روسي قد يدفع موسكو إلى تقليص دعمها للحوثيين مقابل تسويات في ملفات أخرى، منها الصراع في أوكرانيا.
ومع تصاعد الضغوط، يجد الحوثيون أنفسهم في مواجهة عزلة دولية قد تفقدهم الدعم الدبلوماسي الذي لطالما حصلوا عليه من بعض القوى الإقليمية والدولية.
الانعكاسات على الأمن الإقليمي
أصبحت جماعة الحوثي تهديداً لأمن الدول المجاورة لليمن، كما أن ارتباطها بجماعات متطرفة كتنظيم القاعدة يمثل خطراً واسع النطاق.
يشهد المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إدراكاً متزايداً بأن بقاء الحوثيين في المعادلة يشكل خطراً على استقرار المنطقة برمتها، خاصة مع استمرار الحوثيين في استهداف أمن الملاحة في البحر الأحمر.
وقد عبّر مجلس الأمن في عدة مناسبات عن قلقه من الأوضاع المتدهورة في اليمن، محذراً من خطورة استمرار الجماعة في تحالفها مع جماعات متطرفة، ومدعوماً من إيران، التي تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة على حساب استقرار الدول المجاورة.
نحو معركة حاسمة: هل تكون الحديدة بوابة لاستعادة الدولة؟
تشير التحليلات إلى أن معركة الحديدة قد تكون مفصلية في مسار الصراع.
فقد باتت المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية محوراً محتملاً لبدء معركة تهدف إلى استعادة الدولة وتحريرها من الميليشيات الحوثية، التي لطالما استخدمت ميناء الحديدة كمركز لإدخال الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة الدولية.
إن الحديدة، بوصفها بوابة عبور إمدادات الحوثيين، تشكل هدفاً استراتيجياً يسعى التحالف إلى السيطرة عليه من أجل قطع شريان الحياة عن الجماعة.
التطلعات لما بعد الحوثي: بناء دولة تتسع للجميع
يمثل إنهاء سيطرة الحوثيين خطوة حاسمة نحو بناء دولة تقوم على التنوع والعدالة والمساواة.
ومع انتهاء الحرب، سيصبح من الضروري ضمان حقوق جميع فئات الشعب اليمني ضمن إطار المواطنة المتساوية، لتأسيس وطن يتسع لكافة أبنائه.
ستسعى الحكومة اليمنية، بدعم إقليمي ودولي، إلى تأسيس نظام حكم يؤمن بحقوق الجميع ويعيد بناء مؤسسات الدولة المتضررة من سنوات الصراع، وذلك عبر إشراك كافة القوى السياسية والقبائل والمكونات الاجتماعية في صياغة مستقبل اليمن.
إن اليمن يقف اليوم على مفترق طرق، إما نحو حرب شاملة تتسع رقعتها مع الحوثيين بدعم إيراني، أو نحو حسم عسكري وسياسي ينهي هذا الصراع الذي طال أمده.
وما بين التحركات الدولية والإقليمية، واستعدادات الجبهات على الأرض، تبدو الساحة اليمنية على أعتاب تغيير قد يضع حداً لهذا الفصل المؤلم من تاريخ البلاد.