اخبار وتقارير

الجمعة - 13 يونيو 2025 - الساعة 12:49 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - متابعة خاصة





التقت نخبةٌ من الشخصياتِ التهاميةِ البارزةِ بالسفيرةِ الفرنسيةِ لدى اليمن، السيدةِ كاترين قرم كمون، في لقاءٍ خاصٍّ ناقشَ أبرزَ القضايا المتعلقةَ بالوضعِ في اليمن، وخصوصًا ما يتعلّقُ بإقليمِ تهامةَ من تحدياتٍ سياسيةٍ وأمنيةٍ وإنسانيةٍ وحقوقيةٍ. وضمَّ اللقاءُ عددًا من القياداتِ والنخبِ التهاميةِ في مجالاتٍ متعددةٍ، قدّموا خلاله للسفيرةِ رؤًى شاملةً عن قضيةِ تهامةَ وواقعِها واحتياجاتِها المُلحّة، ومستقبلِ دورِها في بناءِ السلامِ.

وفي بدايةِ اللقاءِ، شرحَ الحاضرونَ من النخبةِ المعاناةَ الإنسانيةَ المتفاقمةَ لأبناءِ تهامةَ، وخصوصًا في مناطقِ سيطرةِ الحوثيين، حيثُ يعاني السكانُ من الألغامِ ونهبِ الأراضي والإيرادات، وفرضِ الجباياتِ والإتاواتِ المختلفةِ، وانعدامِ الخدماتِ وأبسطِ مقوماتِ الحياةِ، وارتفاعِ معدلاتِ الفقرِ، وتدهورِ الأوضاعِ الصحيةِ والتعليميةِ، والتجريفِ الفكريِّ والثقافيِّ، والترهيبِ والتضييقِ والاعتقالاتِ والانتهاكاتِ (لا سيما بحقِّ الناشطينَ والمعارضينَ)، ناهيكَ عن الإعداماتِ ذاتِ الطبيعةِ التمييزيةِ الطائفيةِ بحقِّ السكانِ.

وقدَّمت النخبةُ التهاميةُ شرحًا مفصَّلًا حولَ الوضعِ العسكريِّ والأمنيِّ، مؤكدينَ أنَّ اتفاقَ ستوكهولم أوقفَ عمليةَ التحريرِ وأدّى إلى تجميدِ الجبهاتِ، مما سمحَ للحوثيين بإعادةِ التموضعِ وتعزيزِ سيطرتِهم في مناطقِ الساحلِ التهاميِّ. وأوضحوا أنَّ استمرارَ بقاءِ مدينةِ الحُديدةِ تحتَ سيطرةِ الحوثيين يُهددُ الأمنَ البحريَّ والإقليميَّ، وأنَّ أبناءَ تهامةَ قادرون على تأمين الملاحة الدولية في البحر الاحمر. ودعوا المجتمعَ الدوليَّ إلى دعمِ أبناءِ تهامةَ وتمكينِهم من أداءِ هذا الدورِ، باعتبارِ أنَّ أمنَ البحرِ الأحمرِ مسؤوليةٌ دوليةٌ لا تحتملُ التجاهلَ.

من جهتِهم، ركّزَ أعضاءُ النخبةِ على أهميةِ الحلولِ المستدامةِ، ودعوا إلى ضرورةِ إشراكِ أبناءِ تهامةَ في صياغةِ وبناءِ عمليةِ السلامِ، عبرَ المرجعياتِ الثلاثِ، وبما يضمنُ تمثيلًا حقيقيًا وفاعلًا لهم، بعيدًا عن التهميشِ الصارخِ الذي تعرضوا له طوالَ السنواتِ الماضيةِ. وأشاروا إلى أنَّ أيَّ سلامٍ لا يشملُ تهامةَ كمكوّنٍ أصيلٍ في المعادلةِ اليمنيةِ هو سلامٌ هشٌّ لا يمكنُ أنْ يصمدَ.

واستعرضوا مظاهرَ الظلمِ والتهميشِ والإقصاءِ المُمنهجِ الذي تعرّضت له تهامةُ – ولا تزالُ – لعقودٍ، مؤكدينَ أنَّ أبناءَ تهامةَ يريدونَ إدارةَ شؤونِهم ذاتيًّا وتحقيقَ شراكةٍ عادلةٍ في السلطةِ والثروةِ، ضمنَ إطارِ دولةٍ اتحاديةٍ عادلةٍ. كما شددوا على ضرورةِ تحقيقِ اصطفافٍ وطنيٍّ شاملٍ لاستعادةِ مؤسساتِ الدولةِ وتفعيلِ مسارِ المرجعياتِ الثلاثِ المعترفِ بها دوليًّا، وصولًا إلى تحقيقِ سلامٍ عادلٍ ومستدامٍ.

كما تناولوا الوضعَ الحقوقيَّ في تهامةَ، موضحينَ أنَّ مليشياتِ الحوثي تمارسُ انتهاكاتٍ واسعةَ النطاقِ بحقِّ أبناءِ تهامةَ، من اعتقالاتٍ تعسفيةٍ واختطافاتٍ إلى تغييبٍ قسريٍّ ومحاكماتٍ وإعداماتٍ غيرِ قانونيةٍ، في ظلِّ غيابِ دورٍ فاعلٍ للمؤسساتِ والمنظماتِ الحقوقيةِ. كما أشاروا إلى ضعفِ التأهيلِ الحقوقيِّ في تهامةَ، داعينَ إلى دعمِ مشاريعِ المجتمعِ المدنيِّ التي تُعزّزُ من قدراتِ الشبابِ التهاميِّ على الدفاعِ عن حقوقِهم وبناءِ وعيٍ مجتمعيٍّ حقوقيٍّ مستدامٍ.

وتناول اللقاءُ موضوعَ فتحِ الطرقاتِ، وخصوصًا الطريقَ الحيويَّ الرابطَ بين مديريتي حيس والجراحي، لما له من أهميةٍ كبيرةٍ في التخفيفِ من معاناةِ المدنيين وتسهيلِ حركةِ التنقلِ والإمداداتِ. وأكدَ الحاضرونَ أنَّ الطريقَ من جهةِ السلطةِ المحليةِ في المناطقِ المحرّرةِ مفتوحٌ وجاهزٌ للاستخدامِ، وقد تمَّ الإعلانُ عن ذلك كمبادرةٍ من السلطةِ المحليةِ، فيما ترفضُ مليشياتُ الحوثي فتحَ الطريقِ من جهتِها، ما يعكسُ تجاهلَها للمعاناةِ الإنسانيةِ واستمرارَها في فرضِ الحصارِ على مناطقِ تهامةَ.

واختُتِمَ اللقاءُ برسالةٍ واضحةٍ للمجتمعِ الدوليِّ، مفادُها أنَّ أبناءَ تهامةَ لديهم القدرةُ والإرادةُ لتحمُّلِ مسؤولياتِهم الوطنيةِ في مختلفِ المجالاتِ، وأنَّ استمرارَ تهميشِهم يُمثّلُ خطرًا على جهودِ السلامِ وبناءِ الدولةِ. وطالبَ الحاضرونَ فرنسا والمجتمعَ الدوليَّ بدعمِ تطلعاتِهم، والوقوفِ إلى جانبِهم في تحقيقِ شراكةٍ وطنيةٍ عادلةٍ تضمنُ حقوقَهم وتُعيدُ لهم مكانتَهم.

وقد أعربتِ السفيرةُ الفرنسيةُ في ختامِ اللقاءِ عن اهتمامِها بما طُرِحَ من قضايا وملفاتٍ، مؤكدةً حرصَ بلادِها على دعمِ الجهودِ المبذولةِ لإحلالِ السلامِ في اليمن، ومشددةً على ضرورةِ تحسينِ الوضعِ الإنسانيِّ في جميعِ المناطقِ، بما في ذلك تهامةَ، وفتحِ الطرقاتِ كخطوةٍ أولى نحو بناءِ الثقةِ وتحسينِ حياةِ المدنيين. وأكدتْ أنها ستنقلُ ما تمّ تداولهُ في اللقاءِ إلى دوائرِ القرارِ في بلادِها وإلى الجهاتِ الدوليةِ المعنيةِ.