صدى الساحل - 🖋️سعداء حسن عقار مدير عام اللجنة الوطنية للمرأة بمأرب
قبيلة عبيدة.. تلك القبيلة ذات الشأن الثقيل، والحضور الرفيع، والصولة والجولة في ميادين التحرير والكفاح، هي القبيلة التي وقفت سدّاً منيعاً أمام الغزو الحوثي، واحتشد رجالها في الصفوف الأولى لحماية أرض مأرب من السقوط في براثن المشروع الفارسي. عبيدة لم تكن يوماً هامشاً في تاريخ اليمن، بل كانت عنواناً للفزعة، والنجدة، ونصرة المظلوم، وصوتاً مدوياً في معركة الدفاع عن الهوية والجغرافيا والكرامة.
لكن اليوم، وفي لحظة فارقة من عمرها الطويل، تجد هذه القبيلة نفسها ضحية لفتنة زرعت بأيادٍ خفية، تُحسن اللعب في الظلام، وتتفنن في غرس بذور الانقسام بين ابناء القبيلة الواحده . إنّها فتنة تستهدف القوة الداخلية للقبيلة، وتسعى إلى تفكيك نسيجها الاجتماعي المتماسك، من خلال إحياء روح الثأرات، وإشعال نيران الانتقام التي لا تنطفئ بسهولة، بل تعيش عمراً طويلاً بين الأجيال لتتحول إلى لعنة دائمة.
لقد فهم الحوثي جيداً أن اختراق عبيدة بالسلاح مستحيل، وأن رجالها لا يُقهرون في ميدان المواجهة، فأدار معركته بأسلوب آخر: تسليم زمام الأمور لزُرّاع الفوضى، ومنح الضوء الأخضر للمتربصين كي يزرعوا الصراع في الداخل. هكذا تحولت بعض الساحات إلى ميادين اقتتال داخلي، أودت بخيرة رجال القبيلة وأبنائها، وعبثت بالأمن العام لمأرب، وضربت المصالح الخاصة والعامة، وزرعت الرعب بين النازحين والمدنيين، وانتهكت الممتلكات. وما كان العدو بحاجة إلى أكثر من ذلك؛ فالمخطط قد نفذ، والأهداف قد تحققت دون أن يُطلق رصاصة واحدة.
السؤال المؤلم: متى ستعي قبيلة عبيدة حجم المؤامرة التي تُحاك ضدها؟
ومتى ستدرك أن هذه الدماء التي تُسفك بين أبناء قبيلتها، ليست سوى أوراق رابحة في يد الحوثي، يلوح بها وهو يتفرج من بعيد، سعيداً بانشغالكم ببعضكم، فيما يتقدم مشروعه على حسابكم؟
هل فكرتم في العواقب؟
كم ضحية سقطت بلا ذنب؟
وإلى متى سيبقى العقل غائباً، والفتنة قادرة على أن تحوّل أهل الفزعات والنخوة ونصرة المظلوم، إلى أدوات قتل وتشريد وثأر ضد إخوتهم وأبناء قبيلتهم ؟
إنّ الدين والعرف والكرامة القبلية ترفض هذا المسار العبثي، فلا شرع يجيز قتل النفس بغير حق، ولا تقاليد عبيدة تسمح بأن يُسفك دم الأخ لأجل فتنة أُحيكت في الظلام.
يا رجال عبيدة.. عودوا إلى العقل.
اجعلوا من سواعدكم يداً واحدة ضد من يريد زرع الفتنة بينكم.
لا تمنحوا العدو فرحة أن يراكم تتحاربون وتفقدون أعز ما تملكون.
لا تسمحوا لمخططات الحوثي أن تُحوّلكم إلى وقود لصراع داخلي يلتهم أبناءكم ومستقبلكم.
عبيدة كانت – وستبقى – قبيلة الشرف والفزعة، قبيلة المبادئ والمواقف، ولن يليق بها إلا أن تكون كما عهدها التاريخ: سداً منيعاً، لا خنجر يطعن في خاصرته.