وكالات

الإثنين - 25 نوفمبر 2019 - الساعة 05:15 م بتوقيت اليمن ،،،

عماد شرارة

نشر التليفزيون الألماني"إيه أر دي" تقريرًا للكاتب "ماتن جانسل مايرشن"، تحدث عن شهادة سفير واشنطن بالاتحاد الأوروبي "جوردون سوندلاند"، وذلك في جلسة استماع أمام الكونجرس الأمريكي، والتي أقرّ خلالها السفير بمطالبة ترامب للرئيس الأوكراني بفتح تحقيق بخصوص الاتهامات المُوجّهة إلى نجل نائب الرئيس "جو بايدن"، والتي كانت كفيلة للتشهير بخصمه في الانتخابات الأمريكية.

ولم يقف "سوندلاند" في شهادته عند حد اتهام ترامب فقط؛ بل لفت إلى مشاركة غيره من المسئولين؛ فقد أكدّ أنه أرسل رسائل إلكترونية لكل من نائب الرئيس، ووزير الخارجية، والقائم بأعمال رئيس الأركان وغيرهم، للتأكيد على أن التنسيق حول مطالبة الرئيس الأوكراني بالتحقيق في التهم المُوجهة لنجل "بايدن" لم تكن تتم في السر.

وانهالت تصريحات "سوندلاند" (صاحب واحد من أفخم الفنادق في العالم) على الجمهوريين كالصاعقة، حيث دافعوا  مرارًا وتكرارًا عن احتمالية استغلال ترامب ورفاقه من الجمهوريين للمنصب، وابتزاز الحكومة الأوكرانية بوقف المساعدات الأمريكية إذا لم تقم بفتح تحقيق في القضية المثارة آنذاك.

رئيس مافيا

وقد أنكر ترامب معرفته الجيدة بـ"سوندلاند" وصرح بأنه لا يتذكره جيدًا، ومن ثمّ شكّك الجمهوريون في مصداقية الشهادة، لكن السفير الأمريكي أكد أن الرئيس الأوكراني فهم الرسالة جيدًا، وأن المكالمة التي جرت بين ترامب والرئيس الأوكراني كانت أشبه بأوامر من رئيس مافيا للرئيس الأوكراني.

على النقيض من ذلك، بدا موقف آدم شيف، النائب الديمقراطي الذي يرأس لجنة التحقيق ضد ترامب متمسكًا بارتكاب الرئيس الأمريكي لهذه التهم، وأن الوقائع المنسوبة إليه هي في الواقع أخطر بكثير مما يُفصح عنه، لكن يبدو أن الجمهوريين لن يتخلوا عن ترامب حتى ولو ثبتت إدانته؛ حيث تحتاج عملية عزله إلى موافقة ثلثي مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ولكن في كل الأحوال ستظل هذه التهم حال ثبوتها صفعة قوية في وجه ترامب وحزبه، وستؤثر حتمًا على مسار الانتخابات المقبلة.

حرب شوارع في طهران

أما صحيفة "بيلد" فنشرت تحقيقًا صحفيًّا للكاتبين "أنتجي شيبمان" و"بريجون شترتزل" حول انتفاضة الشارع الإيراني ضد نظام الملالي احتجاجًا على سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية..

هجوم على البنوك والمباني الحكومية

يهاجم المتظاهرون المباني الحكومية والبنوك المملوكة للدولة والشركات في العشرات من المدن الإيرانية. وتقول  الشابة شرين (25 سنة): إن الذين تدفقوا إلى الشوارع، خاصة من الشباب والنساء، يعانون العوز، وهم يمثّلون 80% من الشعب الإيراني تقريبًا.

يذكر أن سبب هذه الاحتجاجات هو الزيادة الحادة في أسعار البنزين، لكن الأسباب الحقيقة أعمق من ذلك؛ فسوء الإدارة من قبل النخبة الفاسدة، وحاجة الشباب إلى الحرية والكرامة والرخاء، كانت ضمن بواعث الاحتجاجات  المنتشرة عبر أنحاء البلاد. وتأتي هذه التظاهرات في وقت حرج بالنسبة لنظام الملالي؛ فقد خرج مئات الآلاف من لبنان والعراق للتنديد بسياسات طهران التي تدعم المليشيات الموالية هناك، فبينما يتظاهر الإيرانيون بسبب الفقر، ونهب النخبة الفاسدة لخيرات البلاد، يتظاهر العراقيون واللبنانيون من أجل وقف الدعم الإيراني للمليشيات والتنظيمات الموالية والكف عن التدخل في شئون هذه البلاد، ولذلك تتشابه الشعارات في جميع هذه البلدان: "تسقط الجمهورية الإسلامية"، و"يسقط خامنئي"، و"الشعب يريد الحرية".

وقد أدت هذه المظاهرات إلى إرباك النظام الإيراني؛ ما دفعه لاستخدام القوة والذخيرة الحية، الأمر الذي أسفر عن مقتل المئات من المتظاهرين، حيث صرحت منظمة العفو الدولية، مُستندة لتقارير وسائل الإعلام وشهادات النشطاء، بمقتل ما لا يقل عن 106 إيرانيين، فيما أعربت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بمقتل العشرات باستخدام الذخيرة الحية، وبرفض تسليم جثث المتظاهرين إلى ذويهم خوفًا من أن تؤدي الجنائزية إلى مزيد من الاحتجاجات.

ولم يكتف النظام بذلك؛ بل قام بقطع الإنترنت، وصرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني أن الإنترنت لن يعود حتى استعادة الأمن في البلاد الذي يعدّ أولوية قصوى، وإذا لزم الأمر سيتم التضحية بكل شيء من أجل ذلك.

حرب شوراع في مدينة شيراز

كانت المظاهرات الأكثر عنفًا في مدينة شيراز (1.5 مليون نسمة - جنوب وسط البلاد)؛ فقد احتل المتظاهرون عدة شوارع، وقامت قوات الأمن بعد ذلك بتطويق أماكن التظاهر وإطلاق النار على المحتجين من طائرات الهليكوبتر، كما هوجمت سيارات الإسعاف، ومع ذلك تجدّدت المظاهرات في المدينة بعد هذا التعامل الوحشي، كما أدى مقتل صبي (12 عامًا) على أيدي قوات الأمن إلى حشد المزيد في شوارع المدينة؛ حتى بات الأمر يشبه الحرب الأهلية.

الشرطة السرية تطلق النار على المتظاهرين

وأطلقت الشرطة السرية النار بشكل عشوائي في المدينة بهدف إرهاب المتظاهرين، كما اعتقلت رموز وقيادات المظاهرات والذين زاد عددهم عن 200 شخص؛ فالشرطة في إيران ليست لحماية الإيرانيين وإنما لحماية النظام، وحتى المؤسسات الدينية ليست للشعب، بل هي أيضًا تابعة للنظام، ولذلك هاجم بعض المتظاهرين المساجد باعتبارها أدوات في يد النظام لتسخير الناس وتضليلهم، وانعدمت المعارضة والصحافة الحرة، وكل من ينشق عن النظام أو يعارضه فمصيره إما القتل أو السجن أو الفرار إلى خارج البلاد، ولذلك يأمل الشباب الإيراني في الدعم الأوروبي الحقيقي حتى يتم إرغام النظام على وقف هذا القتل والعدوان على الشعب عن طريق فرض العقوبات، أو على الأقل التهديد بقطع العلاقات؛ فهذه هي اللغة التي يفهمها نظام الملالي.

كيف تعامل العالم مع الاحتجاجات في إيران؟

نشر التلفزيون الألماني "إيه أر دي" تقريرًا للمراسل "كارين سينز" أشار إلى موقف العالم من الاحتجاجات في إيران، لا سيما موقف واشنطن  والاتحاد الأوروبي وروسيا، وأضاف التقرير أن من المفارقات الغريبة أن يحتج الإيرانيون في المقام الأول بسبب ارتفاع أسعار الوقود؛ وإيران هي الدولة ذات الاحتياطيات الهائلة من النفط؛ فكيف يشتكي الإيرانيون مع ذلك من ارتفاع أسعار الوقود؟!

وفي الوقت نفسه أعلن الرئيس "حسن روحاني" مؤخرًا عن اكتشاف نفطي ضخم جديد، لكن يبدو أن هذه الأمور لا علاقة لها بالشعب؛ فقد صحب الاكتشاف زيادة في أسعار البنزين، لدرجة دفعت وزير النفط الإيراني للقول بأن حقل النفط المُكتشف أصغر بكثير مما يتصور البعض، كما أنه من الصعب شعور الإيرانيين قريبًا بأرباح وعوائد هذا الاكتشاف، خاصة في ظل العقوبات الأمريكية التي تجعل من الصعب تصدير النفط؛ وبالتالي يشعر الإيرانيون بأن كل شيء يزداد غلاءً وأن حياتهم باتت أكثر صعوبة رغم كل ما يملكون من أدوات الثراء.

واشنطن ومصالحها الخاصة

وتراقب الدول الأجنبية تطور الوضع في إيران عن كثب، وتأمل واشنطن أن تتمكن هذه الاحتجاجات من الإطاحة بنظام الملالي، حيث تعلن بوضوح عن رغبتها في تغيير النظام، غير أن المثير للعجب أن تعلن واشنطن دعمها للمتظاهرين في طهران، فقد غرد وزير الخارجية الأمريكي عبر تويتر بأن الولايات المتحدة تدعم مطالب الشعب الإيراني واحتجاجه السلمي ضد النظام، ومثل هذه التصريحات لا يمكن أن تخدم المتظاهرين بأي حال من الأحوال، بل سيتخذها النظام ذريعة لاتهام المتظاهرين بالعمالة وأن هذه المظاهرات يُخطَّط لها من الخارج؛ وبالتالي قد يعوق هذا الدعم المعلن حركة المتظاهرين ويدفع الكثير من الإيرانيين إلى البعد عن المشاركة في هذه المظاهرات؛ فواشنطن بالنسبة لهم عدو مشترك لن يعمل لصالح الإيرانيين وإنما تبحث عن مصالحها الخاصة.

إيران معزولة

لا يشكو الفقراء فقط من الوضع في إيران، بل يشعر الأثرياء أيضًا بالسخط من سياسات الحكومة؛ فالسلع الفاخرة المستوردة باتت أكثر تكلفة بسبب العقوبات الأمريكية، ويعاني المثقفون والفنانون غير السياسيين بشدة من صعوبات في الحركة والتنقل بين الدول الأجنبية، ولا يبدو في الأفق حل قريب لتلك المشكلة، لا سيما في ظل عجز الاتحاد الأوروبي عن تعويض الفراغ الناتج عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية، أو حتى على الجانب السياسي؛ فـ"هيكو ماس" وزير الخارجية الألماني ضعيف للغاية وعديم الخبرة، والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" لم يقم بجهود حثيثة في هذا الصدد، فيما تبحث روسيا عن عودتها دوليًّا وتوسيع نفوذها على حساب مصالح الدول الأخرى، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.

هل نظام الملالي في محنة؟

وفي السياق ذاته، ألقى موقع "تاجسشبيجل" الضوء على الأزمة الإيرانية، حيث يتحدث النظام في طهران عن الانتصار على مؤامرة مزعومة من قبل أعداء إيران، لكن القمع الوحشي، الذي واجهت به قوات الأمن المواطنين المحتجين بسبب سوء الظروف المعيشية، هز شرعية السلطة الحاكمة، ويؤكد الخبراء أن هذه هي أسوأ أزمة تمر بها إيران منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية قبل 40 عامًا.

كانت ردة فعل النظام على الاحتجاجات الأخيرة واضحة، فقد فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين، وأغلقت السلطات الإنترنت، ومُنع الإيرانيون الغاضبون من التظاهر، وأعلن كل من الرئيس "روحاني" والزعيم آية الله "علي خامنئي" نجاح البلاد في صد هجوم الأعداء، ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي لا يزال فيه الإنترنت مُغلقًا، الأمر الذي يؤكد قلق وخوف النظام من تجدد المظاهرات.

وأكد "علي فتح الله نجاد"، الخبير في شئون الشرق الأوسط، أن النظام الإيراني يعاني من أخطر أزمة وجودية منذ نشأته؛ وفي ظل هذه المشاكل العميقة، فإن تأثير القوة لن يدوم، وإذا لم تتحسن الأوضاع فستندلع أعمال الشغب مرة أخرى؛ الأمر الذي يضع النظام برمته على حافة الهاوية.

مُعضلة روحاني

يعد الرئيس الإيراني هو الخاسر الأكبر من هذه الاحتجاجات، حيث تبرهن هذه الاضطرابات على فشل سياسته الانفتاحية على العالم، والتي يعارضها الكثير داخل النظام ويرفضونها رفضًا قاطعًا، ويعتبرونها بمثابة خيانة لقيم الثورة الإسلامية. كما أنه على الجانب الشعبي لم تحقّق سياسة روحاني أي من وعوده الإصلاحية؛ فقد وعد الشعب أكثر من مرة بأن هذه السياسة هي القادرة على انتشال إيران من مستنقع الأزمات الاقتصادية المتوالية، ورغم تأييد خامنئي لهذه الزيادة في الأسعار، غير أنه من المتوقع أن يُعاقب معسكر روحاني في الانتخابات القادمة.

وثائق سرية تكشف الدور الإيراني المشبوه في العراق

ولفت موقع "شبيجل أونلاين" إلى وثائق مخابراتية سرية كشفت عنها صحيفة "نيويورك تامز" الأمريكية تفضح الدور الإيراني المشبوه في العراق، وتورطه في تجنيد الكثير من القيادات داخل دوائر السلطة هناك منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003.

وذكر التقرير أن هذه الوثائق تبلغ 700 وثيقة، يدور معظمها حول ضلوع الدولة الشيعية في عمليات استخباراتية قذرة لتجنيد عملاء عراقيين من الأوساط الشيعية في العراق في الفترة بين عامي 2014 و 2015، ووفقًا للصحيفة الأمريكية، تم التحقق من صحة تلك الوثائق التي أثبتت تنافس واشنطن وطهران على النفوذ في العراق عقب سقوط نظام صدام حسين، والذي انتهي لصالح طهران.

توسيع النفوذ الإيراني في العراق

كان من نتائج هذه العمليات المتواصلة لإيران في العراق وصول ثلاثة أحزاب شيعية إلى المراكز الأولى في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو 2018 رغم انخفاض نسبة المشاركة، كما أشارت الوثائق تفصيليًّا إلى اتصالات طهران الوثيقة مع أعلى الدوائر السياسية في العراق، بمن فيهم عادل عبد المهدي، رئيس الحكومة الحالي.

ورغم تخوف النظام الإيراني من عبد المهدي في البداية؛ حيث تلقى تعليمه في بريطانيا، بيد أنَّ الوثائق أكدت على علاقته الخاصة بالنظام الإيراني، كما أكدت أن الجيش الإيراني لعب دورًا حاسمًا في العراق ولبنان وسوريا، لا سيما قوات "فيلق القدس" بقيادة قاسم سليماني الذي يتولى قياة وحدة النخبة في الجيش الإيراني، والذي كان يرشح السفراء والبعثات الدبلوماسية لتلك لدول، وليست وزارة الخارجية كما هو معهود.

وكان من مهام "فيلق القدس" أيضًا إرسال التقارير إلى مجلس الأمن القومي الإيراني مباشرة، بالإضافة إلى تجنيد العراقيين الذين كانوا يعملون لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حتى انسحاب واشنطن من العراق عام 2011، وبالتالي حصلت طهران على الأسرار التي كان يحملها هؤلاء جرّاء تخابرهم مع وكالة الاستخبارات الأمريكية.

وازداد التنافس مرة أخرى بين طهران وواشنطن عقب ظهور داعش، وتعاون الطرفان من أجل القضاء على التنظيم، لكن نتيجة للنشاط الإيراني، أصبحت هناك مليشيات عراقية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بطهران، ويحذر المراقبون من تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في العراق بعد سقوط داعش؛ فالوضع في العراق متوتر، وهناك تظاهرات في الشوارع ضد القيادة السياسية المتهمة بالفساد.

حل المشكلة الكردية

نشرت صحيفة "زوددويتشا تسايتونج" مقالًا للكاتب "رولف بومان" انتقد فيه صمت السياسيين الألمان تجاه ما يفعله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالأكراد في شمال سوريا. وقال الكاتب: "يجب على بروكسل اتخاذ خطوات جادة ضد أردوغان لحماية الأكراد، ووقف عملية الانتقام التي يقوم بها مستغلًا سلاح اللاجئين".

وتساءل الكاتب: ما الذي صرح به رجال السياسة الألمان عقب هجوم أردوغان على الأكراد في شمال سوريا وطردهم منها لإقامة منطقة آمنة على الأراضي السورية؟ وهل إقامة هذه المنطقة بغرض الوقاية من الهجمات المستمرة على الأراضي التركية من قِبل مقاتلي الوحدات الكردية كما يزعم أردوغان؟

ويعيش الشعب الكردي في محنة حقيقية هذه الأيام، حيث لم يجدوا من يؤازرهم، سواء واشنطن الحليف التقليدي أو الاتحاد الأوروبي، واستغل أردوغان لعبة المصالح؛ فهدّد أوروبا بسلاح اللاجئين، ووعد ترامب بالابتعاد عن آبار النفط، وساوم روسيا على تأمين مصالحها، فيما دفع الأكراد ثمن تخلي العالم عن قضيتهم الإنسانية، حتى النظام السوري لم يُفلح في نجدتهم حين لجأوا إليه كخيار أخير يمكن أن يوقف الغزو التركي، لكن ذلك لم يحدث أيضًا، ولم يستطع  ترامب مقاومة غضب الكونجرس الأمريكي نتيجة التخلي عن الأكراد، فهدد بفرض عقوبات على أنقرة إذا لم توقف الغزو.
 ونتيجة لذلك، اضطر أردوغان في النهاية لوقف الغزو مؤقتًا، ولم يكن لألمانيا ولا للاتحاد الأوروبي دور في ذلك، لكن الفرصة ما زالت سانحة أمام ألمانيا وحلفائها لحفظ ماء الوجه والتوصل إلى اتفاق لحماية الأكراد، فهل ستتحرك الأطراف الفاعلة لحل هذه القضية أم يعمل أردوغان على اكتساب الوقت وتَحيُّن الفرصة لمواصلة الهجوم والقضاء على حلم الأكراد؟ ويستطيع أردوغان أن يتهم الأكراد بأنهم إرهابيون، لكن العالم أجمع بات يعرف أن الأكراد هم من كان لهم الدور الأكبر في القضاء على داعش، فكيف يكون المتهم بالإرهاب هو من يقاتله؟!

الصراع بين أوروبا وأردوغان على دول البلقان  

وتحدث تقرير للكاتبة "أنا شوفي شنايدر" نُشر بموقع "شبيجل أونلاين" عن الصراع السياسي بين أوروبا وأردوغان على دول البلقان، حيث ظلت تلك الدول امتدادًا للمملكة العثمانية لمئات السنين حين حكم العثمانيون البلقان، ولذلك حاول أردوغان إعادة اكتشاف المنطقة، وقال: يجب أن نذهب إلى أي مكان كان فيه أجدادنا، ومن ثمّ حدد في نوفمبر 2012 استراتيجيته للسياسة الخارجية المستوحاة من الإمبراطورية العثمانية، لتوسيع سلطته بشكل متزايد نحو غرب البلقان في دول صربيا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية وألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو.

 وتزعم أنقرة وجود الكثير من الروابط التاريخية والدينية مع هذه الدول الست؛ الأمر الذي يفسر الاهتمام المتزايد بتلك المنطقة من قبل تركيا، وبالتالي يُنظر إلى المسلمين كإخوة في العقيدة. ويقول "دوسان ريليك"، الخبير في شئون البلقان بمؤسسة العلوم والسياسة الألمانية: "في الواقع هناك اختلافات كبيرة بين المسلمين الأتراك ومسلمي دول البلقان الفردية"، ومع ذلك فقد وسّعت تركيا من نشاطاتها واستثماراتها هناك، لا سيما في البوسنة والهرسك ثم في كوسوفو، وحاولت أن تسوق نفسها كحامٍ للمسلمين وحقوقهم هناك، كما زادت أنقرة من نشاطها الاقتصادي والسياسي والديني في ألبانيا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، ويرى الرئيس "إدي راما" في أردوغان صديقًا حميمًا.

ويُعدّ العقل المدبر لما يسمى بالنهج العثماني الجديد تجاه تلك البلدان هو رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو؛ فقد كان المسئول عن ملف العلاقات الخارجية، وحتى بعد مغادرته لمنصبه؛ ظلت سياسة أنقرة الخارجية تسترشد بالفكرة العثمانية الجديدة. وبعد فشل الاتحاد الأوروبي في الاتفاق على محادثات الانضمام مع ألبانيا ومقدونيا الشمالية في أكتوبر الماضي، كان هناك قلق من إمكانية تحول دول البلقان بشكل متزايد إلى تركيا، ولم يكن من المستغرب أن يتم افتتاح نصب تذكاري لضحايا محاولة الانقلاب الفاشلة بإحدى تلك الدول.

ومع كل تلك الجهود؛ فالواقع يؤكد إمكانية توجه هذه الدول نحو الاتحاد الأوروبي حال استكمال المفاوضات، ولذلك يقول "ريليك": طموحات أردوغان تجاه دول البلقان مُبالغ فيها وتستند إلى سوء فهم؛ ففي حين يرى نفسه حليفًا، ترى دول البلقان فيه شريكًا سياسيًّا وتناور بهذه العلاقة دول الغرب، وأضاف أن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها تركيا للتوسط بين صربيا والقادة المسلمين البوسنيين لا تلغي دور الاتحاد الأوروبي، لكنها في الوقت نفسه لا تمانع الوساطة التركية، وتأمل دول البلقان في الانضمام للاتحاد الأوروبي، لكن التأخير في ذلك يأتي بسبب كون هذه الدول ذات أغلبية مسلمة، وهو سبب الخلاف بين دول الاتحاد.