اخبار وتقارير

الأربعاء - 24 سبتمبر 2025 - الساعة 03:28 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - ✍ أ/مطيع.سعيدسعيدالمخلافي




يستقبل الشعب اليمني الذكرى الـ63 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، الثورة التي أطاحت بالنظام الإمامي الكهنوتي، وحررت اليمن من قبضة الاستبداد والظلم والجهل، وأعلنت ميلاد الجمهورية اليمنية الحديثة، التي بشّرت بعهد جديد من الحرية والمساواة والكرامة الوطنية، في ظرفٍ يعدّ الأصعب والأقسى في تاريخ اليمن الحديث، حيث يرزح الوطن تحت أثقال أزمات سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية تعصف بكل جوانب الحياة.

لقد عادت العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات الشمالية إلى ظلام الكهنوت من جديد منذ اجتياح مليشيات الحوثي لها في 21 سبتمبر 2014م، في انقلاب مكتمل الأركان على الدولة ومؤسساتها، وعلى الجمهورية ومبادئها. سيطرت هذه الجماعة بالقوة، ومضت في تدمير البنية التحتية للدولة اليمنية، وفرضت مشروعاً طائفياً عنصرياً يقوم على السلالة ويستمد جذوره من الفكر الإمامي الرجعي، الذي ثار عليه اليمنيون قبل أكثر من ستة عقود.

تجاوزت المليشيات الحوثية كل حدود الانتهاك، فلم تكتفِ بالاستيلاء على مقدرات الدولة، بل عبثت بالهوية الوطنية، وغيرت المناهج التعليمية لتزرع أفكار التطرف والكراهية في عقول الأجيال، وصادرت الحقوق والحريات، وارتكبت آلاف الانتهاكات بحق المواطنين من اعتقالات تعسفية وقتل وتعذيب واختطافات طالت الأطفال والنساء والشيوخ، حتى وصل عدد الانتهاكات منذ انقلابها إلى أكثر من 161 ألف انتهاك موثق.

وفي هذه الذكرى العظيمة، تكشف المليشيات الحوثية وجهها الحقيقي المعادي للثورة والجمهورية، من خلال حملات القمع والملاحقة التي تطال كل من يحتفي بذكرى 26 سبتمبر، سواء برفع علم الجمهورية أو بنشر تغريدة أو كتابة منشور. آلاف اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للاعتقال والاختطافات والمضايقات لمجرد تمسكهم برمزية هذا اليوم المجيد.

أما في المناطق المحررة، فرغم غياب سيطرة المليشيا، إلا أن الحال لا يبدو أفضل كثيراً، حيث تغرق هذه المحافظات في دوامة من الفساد والفوضى والانقسام، وسط أداء هش لمؤسسات الدولة، وفشل في تقديم أبسط الخدمات، مما فاقم معاناة المواطنين وأثقل كاهلهم بالأزمات والحرمان، وحرمهم من فرحة الاحتفاء بذكرى هذه الثورة الخالدة.

ورغم كل هذا السواد، يظل أمل الشعب اليمني معقوداً على وهج ثورة 26 سبتمبر الذي لا يزال مشتعلاً في وجدان اليمنيين، رغم محاولات طمسها أو التآمر عليها. إنها ثورة متجددة، تحمل في جوهرها مشروع الخلاص من الاستبداد، وترسيخ قيم الدولة المدنية والعدالة والمساواة، وستظل رمزاً خالداً للنضال، وطريقاً وحيداً للخلاص، مهما حاولت الميليشيات الحوثية أو غيرها من قوى الظلام والتخلف إطفاء شعلتها.

سيظل اليمنيون أوفياء لثورتهم، مدافعين عن جمهوريتهم، ساعين لاستعادة دولتهم وكرامتهم الوطنية، مؤمنين بأن فجر الحرية قادم لا محالة، وأن التاريخ لا يعود إلى الوراء. فمهما طال ليل الكهنوت، لا بد أن ينجلي، ومهما اشتد القيد، لا بد أن ينكسر.