اخبار وتقارير

الأحد - 26 أكتوبر 2025 - الساعة 04:29 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - ✒ أ/مطيع.سعيدسعيدالمخلافي




تواجه مدينة تعز منذ أكثر من عقد من الزمن وضعًا أمنيًا معقدًا اتسم بالفساد وارتفاع معدلات الجريمة، مما انعكس سلبًا على حياة المواطنين وأضعف مؤسسات الدولة، وجعل من الأمن والاستقرار مطلبًا ملحًا لجميع أبناء المحافظة. إلا أن ما يجعل المشهد في تعز أكثر تعقيدًا ليس فقط انتشار الجريمة أو ضعف الأجهزة الأمنية في فترات سابقة، بل وجود أطراف سياسية ووسائل إعلامية وجيوش إلكترونية تتبنى الدفاع عن هذا العبث وتتصدى لمحاولات بسط الأمن وتطبيع الحياة العامة.

في الفترة الأخيرة، شهدت المدينة تحركات أمنية مكثفة، تمكنت خلالها الأجهزة الأمنية من ملاحقة عدد من المطلوبين والمتهمين في قضايا جنائية، محققة إنجازات ملموسة. وهو ما أعاد الأمل لدى المواطنين بقدرة الدولة على فرض النظام وإنفاذ القانون.

وعلى إثر هذه الإنجازات، تحرك أصحاب الحقوق والضحايا للمطالبة بمواصلة الحملة الأمنية، وإلقاء القبض على القتلة والجناة، وإخلاء المنشآت الحكومية ومنازل المواطنين التي تم الاستيلاء عليها خارج إطار القانون.


لكن المفارقة الصادمة كانت أن هذه المطالب المشروعة قوبلت بحملات تشويه وانتقادات واسعة من بعض السياسيين والإعلاميين ومنصاتهم الإعلامية وجيوشهم الإلكترونية، التي راحت تبرر للفوضى وتهاجم كل من يساند جهود الأمن ويطالب بالعدالة، متهمة إياهم بالعمالة والخيانة والتآمر على المدينة.

ويبدو واضحًا أن تلك الأطراف لا تتحرك بدافع وطني أو إنساني، بل وفق حسابات سياسية ضيقة، حيث ترى في عودة الأمن والاستقرار خطرًا على نفوذها ومصالحها. فهذه القوى التي تغذي خطاب الكراهية والانقسام وتهاجم كل خطوة إصلاحية، تدرك أن فرض النظام والقانون سيكشف حجم فسادها واستغلالها للفوضى، ولذلك تعمل بكل وسيلة ممكنة على إبقاء الوضع كما هو عليه، من خلال نشر الشائعات، وتزييف الحقائق، وتحريف بوصلة الرأي العام.

إن المطالبة بإقامة العدل ومحاسبة المجرمين ومحاربة الفساد ليست مؤامرة، بل حق إنساني ووطني تكفله القوانين والأعراف. ومن يقف ضد هذا الحق إنما يقف ضد الدولة وضد مستقبل تعز.

وما تروجه بعض المنصات من اتهامات زائفة ومغالطات إعلامية لا يعدو كونه محاولة بائسة لتغطية الحقيقة، وهي أن هذه الجهات مستفيدة من استمرار الفوضى، لأنها تمنحها مساحة للتحكم والابتزاز والنهب باسم التضحية والنضال.

لقد عانت مدينة تعز بما فيه الكفاية من القتل والاختطاف والابتزاز وغياب العدالة، وآن الأوان أن تتكاتف الجهود خلف المؤسسة الأمنية والقضائية لإعادة المدينة إلى مكانتها الحقيقية كعاصمة للثقافة والمدنية. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الوقوف في وجه المشاريع العبثية التي تريد إبقاء مدينة تعز غارقة في الفوضى. فالأمن ليس خيارًا سياسيًا، بل هو شرط أساسي للحياة والكرامة والعدالة.