صدى الساحل - خليل السفياني
في مشهد يقطر ألماً ووفاءً، قرر قائد مقاومة الحجرية العقيد فؤاد الشدادي أن يبيع سيارته الخاصة، وهي كل ما يملكه، من أجل إنقاذ حياة الجريح أكرم فاروق الجعفري، نجل الشهيد البطل فاروق الجعفري، أحد قادة اللواء 35 مدرع.
أكرم، الذي ينتمي الى احد الالوية العسكرية، أصيب قبل خمسة أشهر بحادث أليم أدخله في غيبوبة تامة، وأفقده القدرة على الحركة والنطق نتيجة إصابة شديدة في الدماغ تسببت بشلل نصفي. ومنذ تلك اللحظة، يرقد أكرم في العناية المركزة بمستشفى الوالي بعدن، وسط تجاهل مؤلم من الجهات المعنية وقيادات الشرعية التي قاتل والده الشهيد تحت رايتها.
الشدادي، الذي فقد الأمل في استجابة القيادات العسكرية، في الحيش والمفاومة، والسلطات المحلية في الحكومة الشرعية لمناشداته المتكررة لتسفير أكرم وعلاجه في الخارج، قرر التضحية بما تبقى له من متاع الدنيا، ليبيع سيارته الوحيدة، ويؤمن بها تكاليف علاج رفيق السلاح وابن القائد الذي قدم روحه فداءً لتعز والجمهورية.
المصادر المقربة من الشدادي أكدت أنه طرق كل الأبواب، ورفع التقارير إلى الجهات العليا، وناشد القيادات العسكرية، و محافظ تعز، دون مجيب، فكان قراره الصعب: "سأبيع سيارتي... حتى لا يُنسى أكرم كما نُسي والده".
مأساة أكرم هي امتداد لمأساة والده الشهيد فاروق الجعفري، الذي خاض معارك التحرير في الصلو ضمن كتائب اللواء 35 مدرع بقيادة الشهيد عدنان الحمادي. لكنه، كما الكثير من رفاقه، لم يجد من يخلد ذكراه أو يرد الجميل لأسرته.
اليوم، تقف سيارة الشدادي المعروضة للبيع شاهدًا على خذلان قيادة تنكّرت لبطولة الرجال، وعلى وفاء رجل رفض أن يترك ابن رفيقه يُواجه مصيره وحيدًا.