اخبار وتقارير

الثلاثاء - 20 مايو 2025 - الساعة 04:19 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - يفرس - خليل السفياني







تعيش مديرية جبل حبشي بمحافظة تعز على وقع موجة غضب شعبي وتفاعل مجتمعي واسع، بعد أن جرت مراسم الاستلام والتسليم بين المدير العام السابق المحامي فارس المليكي وخلفه الأستاذ يحيى إسماعيل، في شقة مستأجرة بمنطقة الضباب، بعيدًا عن المجمع الحكومي الرسمي الكائن في مركز المديرية يفرس، والذي تم تشييده وتجهيزه بمليارات الريالات من المال العام.

هذه الواقعة التي أثارت دهشة واستنكار سكان المديرية والمهتمين بالشأن العام، أعادت إلى الواجهة تساؤلات كبيرة حول أسباب تغييب المبنى الحكومي وتجاهل قيمته الرمزية والإدارية، رغم جاهزيته الفنية واحتوائه على 21 غرفة وقاعة اجتماعات ومكاتب إدارية متعددة.

مفارقة صارخة: كل المديريات تُدار من مجمّعاتها… إلّا جبل حبشي!

في سابقة نادرة وغير مفهومة، تُعد جبل حبشي المديرية الوحيدة في محافظة تعز التي لا تُدار من مجمّعها الحكومي، بخلاف بقية المديريات التي تمارس سلطتها المحلية من داخل المقرات الرسمية. حيث تم نقل إدارة المديرية إلى شقة مستأجرة في منطقة الضباب، على بعد كيلومترات من مركز المديرية يفرس، رغم أن الأخيرة تُعد منطقة آمنة وتضم العديد من المرافق الحكومية التي لا تزال تؤدي وظائفها بشكل طبيعي ولا خلاف على ذلك. الأمر الذي يطرح تساؤلات واسعة: لماذا تُهجر المؤسسات؟ ومن المستفيد من هذا الوضع؟

الصحفي توفيق النصاري: أين تُصاغ القرارات؟

الصحفي البارز توفيق النصاري وصف ما جرى بأنه "سابقة خطيرة" تمس كيان الدولة ومؤسساتها، قائلاً: "هل سيقبل المدير العام الجديد لمديرية جبل حبشي الأستاذ يحيى إسماعيل أن يباشر مهامه من شقة مكونة من غرفتين أو ثلاث في منطقة الضباب، بينما المجمع الحكومي الرسمي في مركز المديرية مغلق ومهجور؟ وهل هذا الموقع هو الذي ستُصاغ فيه القرارات الإدارية التي تمس حياة الناس؟ وأين تُدار ملفات المواطنين إن لم تكن من داخل مؤسسات الدولة؟" مضيفًا: "نحن لا ننتقد الأشخاص، بل ننتقد السلوك الإداري الذي يُهمّش الدولة، ويضرب القوانين عرض الحائط."

جميل الحميدي: إهانة مؤسسية… وخسائر بمليارات الريالات

من جانبه، أدلى الناشط المجتمعي البارز الأستاذ جميل الحميدي بسلسلة من التصريحات الشاملة، اعتبر فيها ما يحدث عبثًا إداريًا غير مبرر، حيث قال: "مبنى المجمع الحكومي في يفرس – مركز مديرية جبل حبشي – يحتوي على 21 غرفة، بالإضافة إلى قاعة اجتماعات وبوفيه، وتم تصميمه ليستوعب الهيئة الإدارية وفروع المكاتب التنفيذية والنيابة العامة." وأضاف: "لكن رغم كل ذلك، تم الانتقال من المبنى الرسمي إلى شقتين فقط في الضباب تحتويان على 6 غرف لا تكفي لإدارة المديرية. هذه الفوضى الإدارية ليست سوى استهتار بمقدرات الدولة."

وتابع الحميدي بالقول: "ما يؤسف له أن إدارة أمن جبل حبشي التي يقع مبناها بجانب المجمع انتقلت أيضًا إلى الضباب، مع أن المبنى مكوّن من دورين ويحتوي على 7 غرف، والآن يُستخدم فقط كقسم شرطة، بينما الأصل أن يبقى كمركز أمني متكامل يخدم المنطقة."

وتابع كما يُوجد مبنى المديرية القديم، المكوّن من ثلاثة أدوار، ويشتمل الدور الأول على زنزانة. وقد أصبح المبنى مهجورًا منذ عدة سنوات، إلا أنه يمكن تأهيله ليُستخدم كمقر لإدارة الأمن.

وأشار أيضًا إلى أن: "محكمة جبل حبشي لا تزال تمارس عملها بشكل طبيعي في موقعها بجوار المجمع، وهو ما يكشف أن الادعاء بوجود مخاطر أو ظروف أمنية غير مبرر، فالقضاة والموظفون يداومون بانتظام."

كما أوضح: "فرع مكتب الواجبات  في يفرس، المكوّن من دورين ويحتوي على 8 غرف واسعة، لا يزال قائمًا بجوار المجمع، ما يثبت أن المنطقة آمنة ومهيأة للعمل المؤسسي الكامل."


وفي مقارنة مباشرة، عبّر الحميدي عن أسفه الشديد قائلاً: "في المسراخ تفاخروا وتجمعوا أمس الاثنين، أمام بوابة المجمع الحكومي في مشهد يليق بمراسم الاستلام والتسليم، بينما في جبل حبشي جرت العملية في شقة صغيرة دون أي مراعاة لقيمة المكان وهيبة الدولة."

وختم بالقول: "لقد خسرت الدولة مليارات في إنشاء هذا المجمع وغيره من المباني الحكومية في يفرس. ونطالب اليوم – باسم المواطنين – بعودة المدير العام الحالي فورًا إلى ممارسة عمله من المجمع الرسمي كما كان في السابق، ليعيد لمركز المديرية مكانته ودوره الحقيقي."

نشطاء: ما يحدث عبث وهدر للمؤسسات

الناشط مهند عبدالحكيم وصف ما يحدث بأنه "تغييب للسلطة عن المواطن"، مشددًا على أن أول خطوة يجب أن يتخذها المدير الجديد هي العودة للمجمع. بينما قال وهب الغزالي : "من يدير مؤسسة عامة يجب أن يبدأ من احترام مقرات الدولة، وإلا فلا فرق بين السلطة والإهمال."

مفارقة صادمة: مؤسسات تعمل… والقيادة غائبة!

المثير للسخرية – بحسب أبناء المديرية – أن محكمة يفرس الابتدائية تواصل عملها بشكل يومي في نفس المنطقة، إلى جانب مبنى إدارة أمن جبل حبشي المكوّن من دورين، ومكتب فرع الواجبات المجهز بالكامل، ومبنى فرع الاتصالات الذي اصبح مهمل وخارج عن الخدمة، مما يجعل تغييب السلطة المحلية عن هذا المجمع غير مبرر، ويطرح علامات استفهام حول من يقف خلف هذا القرار غير المفهوم وما مصلحته من هذا .

القانون واضح… والتجاوز صارخ

ينص قانون السلطة المحلية رقم 4 لسنة 2000 على أن يكون مركز المديرية هو الموقع الإداري الرسمي الذي تُدار منه شؤونها، ويجب أن تحتضن مقرات الدولة داخل هذا النطاق، إلا أن إدارة جبل حبشي لا تزال خارج هذا الإطار منذ سنوات.

المواطنون يناشدون المحافظ نبيل شمسان

في ظل هذه التجاوزات، وجّه عدد من أبناء منطقة يفرس مناشدة عاجلة إلى محافظ محافظة تعز نبيل شمسان، طالبوه فيها بالتدخل السريع وتوجيه السلطة المحلية بالعودة الفورية إلى المجمع الحكومي الرسمي، مؤكدين أن بقاء الوضع كما هو يمثل تشويهًا لصورة الدولة، ويفقد المواطنين الثقة بمؤسساتها.

وجاء في مناشدتهم: "لا نطلب المستحيل… فقط نريد عودة العمل إلى المجمع الحكومي الذي شيّد بأموالنا، ليخدم أبناء المديرية كما أُنشئ لأجلهم. لم يعد مقبولًا أن تُدار مصالح الناس من شقة في منطقة لا تمثل قلب المديرية ولا رمزية الدولة."

هل يتخذ المدير الجديد الخطوة الأولى نحو التصحيح؟

الأنظار الآن تتجه نحو المدير العام الجديد الأستاذ يحيى إسماعيل، الذي يجد نفسه أمام قرار مصيري من أول يوم في منصبه: إما أن يستمر في إدارة المديرية من خارج مركزها، أو أن يبادر بإعادة فتح المجمع المهجور، ليثبت جديته واحترامه لموقعه كممثل رسمي للدولة، وينال ثقة المواطنين الذين ينتظرون منه الكثير.

والسؤال الذي يطفو على السطح:
هل يستعيد مركز المديرية مكانته… أم تظل الإدارة رهينة في النصال؟