اخبار وتقارير

الأحد - 17 أغسطس 2025 - الساعة 01:23 ص بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - كتب: عبدالإله الشرجبي








آن للحكومة أن تضع حدًّا نهائيًا لهذه المسرحية العبثية المسماة “جبايات”،على امتداد قارعة الطرق ومداخل المداخل والأسواق
قبل أن تتحول إلى سرطان يلتهم ما تبقى من جسد الدولة، ويستنزف دم المواطن حتى آخر قطرة. فكل ريال يُنتزع على قارعة الطريق لا يذهب إلى الخزينة العامة، بل يتحول فورًا إلى زيادة فوق السلعة والبضاعة، تثقل كاهل المواطن الغلبان الذي لم يعد يرى في هذا الوطن إلا طوابير الانتظار، وارتفاع الأسعار، وجشع التجار، وغياب الضمير، وجبابات مختلفة الألوان هنا وهناك ليس لها علاقة بالدولة أو النظام والقانون
المطلوب اليوم ليس مجرد شعارات إصلاحية، بل إقرار رسوم محددة وثابتة على النقاط بين المحافظات،ومداخل المدن الرئيسيه تُعلن للناس بوضوح، وتُحصَّل بآلية محكمة، وتُورَّد مباشرة إلى البنك المركزي تحت إشراف وزارة المالية، وبسندات رسمية مختومة لا يطالها عبث ولا يقترب منها فساد.
ولإغلاق أبواب التلاعب، يجب إنشاء مراكز رقابية ثابتة على الطرق، تقوم بمطابقة السندات مع حركة الشحن، بحيث يحمل السائق أصل السند، وتُسلَّم نسخ رسمية لهذه المراكز، فيتحقق المواطن والدولة معًا أن كل ريال دفعه ذهب حيث يجب أن يذهب.
إن ترك هذه الأموال تتسرب إلى أيدي النافذين هو تمويل مباشر للجريمة المنظمة، وإقرار صريح بأن الفساد أقوى من القانون، ورسالة مهينة لكل مواطن بأن الدولة غائبة، والبلطجة هي الحاكم الفعلي للطرق. هذه الجبايات لا تموّل التنمية ولا تبني المدارس ولا تصلح المستشفيات، بل تذهب لتضخم أرصدة قلة قليلة من تجار النفوذ ومسؤولي الصدفة، بينما يبقى المواطن بين فكَّي كماشة: تاجر عديم الضمير ومسؤول بلا قيم.
لا دولة تُبنى على الابتزاز، ولا وطن ينهض بجيوب الفاسدين. الإصلاح يبدأ من هنا، من وقف هذا النزيف المالي، وكسر شوكة عصابات الجباية، واستعادة سلطة القانون وهيبة الدولة. عندها فقط سيدرك المواطن أن ما يدفعه ليس ثمنًا لذل الطريق، بل مساهمة في بناء وطنٍ يحترم كرامته ولقمة عيشه.
إن كل ريال يُنتزع من المواطن على قارعة الطريق ليس مجرد أموال تُهدر، بل هو صورة حية لانعدام الضمير، وتجسيد لفشل الدولة في حماية حقوق أبسط مواطن فيها. ترك هذه الجبايات بلا تنظيم أو رقابة يعكس أن الدولة عاجزة عن فرض القانون، وأن السلطة أصبحت لعبة بيد النافذين الذين لا يتورعون عن ابتزاز المواطنين ونهب مواردهم، تاركين أثرًا قاتلًا على حياتهم اليومية، على أسعار السلع، وعلى الحركة الاقتصادية برمتها. المواطن اليوم يدفع ضعف ما يستحق، ويعيش عبء مالي مضاعف، في حين تُستغل هذه الأموال لتقوية مصالح حفنة من التجار عديمي الضمير والمسؤولين الذين لا يملكون إلا أسماء على مكاتبهم ووجوه خالية من القيم، وانعدام تام للضمير الإنساني أو الوزاع الديني
إستعادة أموال الدولة ليس ترفا بل واجب وضرورة، يبدأ بتحديد رسوم واضحة وثابتة، يُعلن عنها للمواطن، وتُحصَّل وفق آلية صارمة، وتُورَّد مباشرة إلى البنك المركزي، مع سندات رسمية مختومة، تخضع لمراقبة دقيقة، بحيث يُطمئن المواطن أن كل ريال دفعه يذهب إلى المكان الصحيح. إنشاء مراكز رقابية على الطرق لمطابقة السندات مع حركة الشحن ليس مجرد إجراء شكلي، بل صمام أمان لوقف التلاعب، ومنع الانحراف، وإعادة الثقة بين الدولة والمواطن.
ويجب أن يكون المواطن شريكًا في الرقابة، أن يملك الحق في معرفة أين تذهب أمواله، وأن تُنشر تقارير دورية توضح حجم الجبايات المحصلة، وأين تُصرف، وأن يُحاسب كل مسؤول يتلاعب بها. إن استمرار الفوضى في الجبايات ليس فقط تهديدًا للمال العام، بل رسالة مؤلمة تفيد بأن الفساد أقوى من القانون، وأن الدولة عاجزة عن حماية كرامة شعبها.لا وطن ينهض بجيوب الفاسدين، ولا دولة تُبنى على الابتزاز. الإصلاح يبدأ من وقف هذا النزيف، وكسر شوكة عصابات الجباية، واستعادة سلطة القانون وهيبة الدولة، حتى يشعر المواطن أن ما يدفعه هو لبناء وطن يحميه ويحترم كرامته، لا لزيادة أرباح اللصوص والفاسدين. فسلامة الاقتصاد، واستقرار الأسواق، وثقة المواطن في الدولة، كل ذلك يبدأ من الخطوة الأولى: جبايات منظمة، شفافة، ومراقبة، حيث يتحول كل ريال إلى بناء وطن، لا إلى تغذية الفساد.
لا يوجد أي سبب يبرر استمرار الجبايات التي تفرضها النقاط العسكرية على طول الطرق، فهي عبء ثقيل يثقل كاهل المواطن البسيط ويضاعف معاناته اليومية. الأموال التي تُنتزع بهذه الطريقة لا تصل إلى خدمة الدولة، بل تذهب إلى جيوب جهات نافذة، في حين يضطر المواطن لدفع ثمن هذه الممارسات مرتين: مرة على الطريق، ومرة في ارتفاع أسعار السلع نتيجة زيادة تكاليف النقل.
هذه الجبايات لا تمثل تهديدًا مباشرًا على المواطن فقط، بل تعرقل حركة التجارة، وتزيد أعباء النقل، وتضعف الاقتصاد، وتفتح أبواب الفساد على مصراعيها. الدولة التي تسمح بهذا العبث ترسل رسالة مفادها أن القانون عاجز، وأن حقوق الناس بلا حماية، وأن من يمتلك القوة يستطيع الابتزاز بلا رادع أو مساءلة.
إصلاح المنظومة يتطلب خطوة عاجلة: إلغاء الجبايات العشوائية واستبدالها برسوم محددة وواضحة، تُحصَّل وفق آلية رسمية، وتُورَّد مباشرة إلى البنك المركزي. كما يجب إنشاء نقاط رقابية على الطرق تطابق السندات مع حركة الشحن، لضمان وصول كل ريال إلى خزينة الدولة وعدم استغلال المواطن. الشفافية والمحاسبة ليست خيارًا، بل ضرورة لإيقاف الاستغلال المستمر من قبل القوى العسكرية التي حولت الطريق إلى ساحة للنهب والابتزاز.
استمرار الجبايات على الطرق يعكس حقيقة صارخة: أن الفساد أقوى من الدولة، وأن المواطن مجرد ضحية، لا شريك في بناء وطنه. إنهاء هذه الممارسات الغير قانونية ليس ليس أمرا عاديا ، بل واجب وشرط لاستعادة هيبة الدولة، واستقرار الأسواق والاقتصاد ، وثقة المواطنين في مؤسساتهم. الوطن لا يُبنى على ابتزاز المواطنين، بل على عدالة وشفافية تحمي حقوقهم وتضمن مساهمتهم في بناء مستقبل أفضل .
وفي نهاية هذا المطاف، لا بد أن نفهم وان نعي أن كل ريال يُنتزع من المواطن بالقوة ليس مجرد مالٍ ضاع، بل جرحٌ جديد يُضاف إلى جسده المنهك وروحه الذي يتألم. إنه حجر يُرصف فوق جبل ثقيل ينوء بحمله المواطن في المدن المكتظة بالحرمان، وفي القرى البعيدة التي لم تعرف من الدولة سوى اسمها، وفي الأرياف التي يكابد أهلها العوز ليلاً ونهارًا. جبل يثقل الكاهل حتى يكاد يسحق الأكتاف، ويحوّل الحياة إلى رحلة من المعاناة الدائمة .

يجب أن تعلموا علم اليقين أن المواطن ليس خصمًا للدولة ، وليس عدوا لكم حتى حتى يُعامل بهذه القسوة وبهذه الشدة ، وبهذه الجفاء ،حتى يبتز ،وينهب ،ويسرق ويؤخذ ماله جباية أمام العالم ،بل هو عمودها الفقري، وروحها التي لا تقوم إلا به. هو العامل الذي يكدح ليلاً ونهارًا، هو الفلاح الذي يروي أرضه بعرقه، هو الجندي الذي يحرس الحدود بدمه، وهو الموظف البسيط الذي يواصل عمله رغم أن راتبه لا يسد رمقه. هذا المواطن لا يطلب المستحيل، كل ما يريده أن يشعر أن الدولة تحميه لا تستنزفه، وأن ما يدفعه يذهب لبناء مدرسة أو مستشفى أو طريق، لا لجيوب النافذين وتجار النفوذ.
إن كل جباية غير قانونية لا تزيد ميزانية الدولة، بل تُفقر المواطن وتُعمّق الهوة بينه وبين حكومته. إنها لا تُعزز ثقة الناس، بل تهدمها؛ ولا تُبني وطنًا، بل تزرع شعورًا مريرًا بأن الدولة لم تعد لهم بل ضدهم. وحين يشعر المواطن أن يد الدولة تمتد إلى جيبه لا لتأخذ حقًا مشروعًا، بل لتنهب بلا حساب، فإنه سيفقد ثقته بكل ما يقال عن الإصلاح والشفافية، وسيرى أن الفساد هو القانون الحقيقي الذي يُطبق على الأرض.
إن إعادة النظر في هذه المسرحية العبثية المسماة “جبايات” ليست أمرا هينا وسهلا ولا تزيينًا للواجهة، بل واجب أخلاقي ووطني . فالدولة التي لا تصون كرامة مواطنها، وتتركه فريسة للابتزاز على الطرقات، وداخل المؤسسات الحكومية لا تستطيع أن تطلب منه الولاء ولا التضحية. والمواطن الذي يرهقه جبل من الجبايات، وتثقل كاهله تكاليف النقل والسلع، لن يكون قادرًا على العمل والإنتاج، ولن يرى في وطنه سوى سجنٍ كبير يضيق يومًا بعد يوم.
لهذا، آن الأوان أن تُغلق أبواب الفساد، وأن تُعلن الدولة بصراحة أن المواطن ليس عدوًا لها، بل هو شريكها الأول والأخير. آن لها أن تدرك أن حب المواطن لوطنه لا يقاس بالشعارات، بل بما يجده من احترام لعرقه ودمه ولقمة عيشه. عندها فقط يمكن أن نطمئن أن كل ريال يُدفع لن يكون عبئًا على المواطن، بل لبنة في بناء وطنٍ يليق بدموعه وصبره، وطنٍ لا يرهقه جبل الجبايات، بل يرفعه جناح العدالة والكرامة والحرية والمساواة.