صدى الساحل - الكاتب: أحمد حوذان
تتكشف يوماً بعد يوم، الأهداف الحقيقية للميليشيات الحوثية في اليمن، والتي تتجاوز السيطرة السياسية لتصل إلى محاولة تغيير النسيج الاجتماعي اليمني من خلال استهداف ممنهج لرموز القبيلة. فالأحداث تُظهر أن السلاليين يسعون إلى تدمير أواصر القبيلة اليمنية وجذورها، كونهم يرون في شيوخ القبائل قوة راسخة يصعب إخضاعها اذا لم يخضعوها وهم في السلطة بالقوة فكيف سيخضعونها وقد افضوا الى الانهيار
لم يكن الشيخ فهد دهشوش، أحد أبرز شيوخ قبائل حجة، أول من يُستهدف من قبل الميليشيات ولن يكون الأخير. فالسجل الإجرامي للميليشيات يؤكد هذا النهج؛ فهم يضعون رجال القبائل نصب أعينهم كأدوات أو وقود لحروبهم ضد اليمنيين. زقد رأينا ذلك في كثير من الوقائع والاحداث يتم ذلك إما عبر الترغيب والاستقطاب لضمهم إلى صفوفهم، أو من خلال الإذلال والقمع وإلغاء الدور الاجتماعي لكبار الشيوخ المناوئين.
عندما تعجز الميليشيا عن إخضاع شخصية كبيرة وذات تأثير مثل الشيخ فهد، فإنها تلجأ إلى تسليط أفراد من سلالتها، أو من الموالين لها، للعمل على تشويه صورته أو إضعاف نفوذه. يكشف السجل الإجرامي للميليشيات عن حجم هذا الاستهداف، حتى لمن وقفوا معهم في مراحل سابقة.
إن استهداف هذا الرمز والضرغام الجمهوري العتيد في منطقة ومحافظة حجة الكبيرة ليس أمراً عابراً. "هذا الاستهداف لم ينطوِ علينا، نحن نعرف من أين منبع هذا الاستهداف، ونعرف السلالة التي تدرك خطر الكبار عليها ومن يهددون مشاريعها الإرهابية". ميليشيات الحوثي تخطط "قبل وبعد وأثناء" وتعمل وفق "مخطط مدروس"، ولها عدد من الأساليب ولا تريد أحداً يقف أمامها ويكون قوياً.
سجل دامٍ: اغتيالات وتصفية لشيوخ القبائل
دعونا نستعرض بعض الأمثلة من عام 2019 وحده، لنرى كيف تتعامل هذه الميليشيات مع شيوخ القبائل من أوهمتهم انذاك بأنها لن تفكر في السلطة بل لمصلحة المواطن :
في عام 2019، صفّت ميليشيات الحوثي 12 شيخاً قبلياً، منهم 6 قُتلوا بشكل مباشر. من أبرز هؤلاء:
الشيخ سلطان محمد الوروري (63 عاماً): مهندس لعب دوراً في إسقاط عمران و"اللواء 310" قبل اقتحام صنعاء، ولكنه تعرض للتصفية لاحقاً.
الشيخ محمد الشتوي والشيخ مجاهد قشيرة: قُتلا بعد افتعال مشكلات بينهما أدت إلى مقتل الشتوي (الذي كان موالياً للحوثيين)، ثم اتُخذت جريمة قتله ذريعة للتخلص من الشيخ قشيرة (الذي كان متحالفاً معهم).
الشيخ محمد المطري، المعروف بـ"أبو سراج": أحد مشايخ بني مطر غرب صنعاء، تعرض للتصفية.
الشيخ أحمد السكني: اغتيل مؤخراً، وسبقه في ذلك الشيخ ماجد الأسدي.
يضاف إلى ذلك حوادث الاختطاف المتكررة، والقتل، وتفجير المنازل التي نشهدها باستمرار، وكلها تستهدف رموزاً قبلية واجتماعية.
هذا السجل الدامي يبرز استراتيجية الميليشيات في إضعاف القبائل والسيطرة على نفوذها، خاصة وأن الشيخ فهد دهشوش معروف بموقفه الثابت ضد مشروع السلالة منذ الحروب الست في صعدة ولم ينقاد لمشاريع السلالة رغم الكثير من المغريات التي كانت تاتي الشيخ فهد من قبل المليشيا الارهابية.
تعمل ميليشيات الحوثي بأساليب متعددة لإذكاء الصراع وتدمير النسيج الاجتماعي. فمن لا تستطيع قتله بأي وسيلة، تعمل على تشويه صورته والنيل من سمعته. إن أساليبهم في المكر والخداع واسعة ومعقدة، وتعتمد على تخطيط ممنهج وليس على العشوائية.
الميليشيات تدرك حجم وثقل شخصيات مثل الشيخ فهد دهشوش قبلياً، خاصة في ظل الحديث عن خارطة طريق سياسية محتملة. لذلك، تحاول النيل من زعماء القبائل الذين سيشكلون خطراً على مستقبلهم وسيطرتهم. محافظة حجة، بجبالها الشاهقة ورجالها الأقوياء، ظلت عصية على الميليشيات، والشيخ فهد عصي عليهم في تلك المناطق؛ فصوته مسموع في حجور وتخضع له مناطق الشرفين وحجة بأكملها. يدرك الحوثيون أن هؤلاء القادة لن يسكتوا لهم إذا ما وُضع الحل السياسي، بل سيعودون بقوة لاستعادة دورهم.
الشيخ فهد يدرك ألاعيب الميليشيات ونفوذها السلالي ومخابراتها، ويعرف متى يتحدث ويتحرك. ولو كان الشيخ فهد ضد الصف الوطني، أو كما يزعم البعض أنه يتلقى دعماً من جهات خارجية، فلماذا ياترى يغادر صنعاء أو حجة ؟ الشيخ فهد يدرك "حبكات" السلالة وخططها أكثر من أي يمني آخر.
والمليشيات ستجعل له مكانته كشيخ وتتيح له كل شيء كون الشيخ فهد له احترام كبير وهي الاكثر سكانا والمليشيات بحاجة له ودعم القبائل لهم هناك في القتال الشيخ فهد اكثر ذكاء وحدة من المليشيات ومخططاتها والاعيبها فهو لايريد ان يكون اداة للمليشيا في اخضاع القبائل للقتال غادر رافعا الراس شامخا.
إن ما نلحظه من استهداف لرمز وطني وجمهوري عتيد في منطقة ومحافظة حجة، التي تُعد قلعة صامدة، هذا الاستهداف لم ينطوِ على المتابعين. فالمصدر معروف؛ إنها السلالة التي تدرك خطر القامات الوطنية ومن يهددون مشاريعها. ميليشيات الحوثي تخطط قبل وبعد وأثناء، وتتبع مخططاً مدروساً؛ فكل عمل لديها يتم بأسلوب محدد، ولا تريد أحداً يقف أمامها بقوة.
من يتهافتون اليوم للنيل من هذه القامات، إما أنهم لا يدركون المغزى الحقيقي لهذه الهجمات، أو أنهم حاقدون ينتمون لتلك السلالة، أو أن الحزبية تجر بعضهم وراء ذلك، وربما لم يستوعبوا الدروس التاريخية المتكررة.
هل يريد البعض من الشيخ فهد، وهو العارف بكل ما يدور خلف الكواليس، أن يقول ما يُملى عليه لإرضاء الإعلام؟ توحيد الصف لا يتم بتصريحات فيسبوكية أو على منابر الإعلام؛ فالشيخ فهد رجل دبلوماسي وشيخ قبلي عريق يدرك تعقيدات المشهد.
إن ما حدث سابقاً، عندما لم يدرك حزب الإصلاح حجم خطر شخصيات مثل علي بن علي القيسي، الذي يُعد سلالياً صاحب عقيدة ويعمل حالياً مع الحوثيين، رغم نصيحة البعض بالوقوف مع الشيخ فهد انذاك ليكون محافظاً للمحافظة حجة ، لم يشعروا بالخطر إلا عندما وقف القيسي علناً ضدهم وصرح للإعلام وعمل مع الحوثيين في اسقاط حجة وتوسيع المليشيات في تلك المناطق من خلال فتح مراكز تدريبية ومعسكرات لهم قبل انقلابهم وهو معين من الرئيس هادي انذاك.
علينا أن نعيي المخططات التي تستهدف القامات الوطنية، وألا ننجر وراء هفوات بغرض العاطفة. فالعاطفة هي من أوصلت اليمن لما هو عليه الآن، وجعلت الميليشيات تتحكم بالشمال وتشرّد اليمنيين من منازلهم وتُهلك الحرث والنسل. يجب أن توجه السهام والجهود نحو هذه الميليشيات التي ترفض المفاوضات والسلام والعودة لصناديق الاقتراع وتسليم السلاح.