الأربعاء - 08 أغسطس 2018 - الساعة 05:52 م
دحض العلم فكرة الانتقاء والاصطفاء والتفوق العرقي ، لعدم وجود ما يدعى بالعرق النقي من الأساس ، بحسب العلماء جميع البشر بلا إستثناء من اعراق مختلطة ، هذا ما تقوله الخريطة الجينية للبشر وفحوص الدي إن إيه .
في المرحلة الإعدادية كان لدي زميلة دراسة تدعى " ص . الشامي " ، كان أبوها قاضيا -إلم تخني الذاكرة- ، ذهبت يوما لزيارتها في منزلها القريب من حارتنا، هالني فخامة المنزل والأثاث، والأكثر التكلف والتصنع في التعامل معي أنا الضيفة الصغيرة ! سألتني أمها عن لقبي ، ماذا يعمل والدي، من أي محافظة ومنطقة، كان الأمر أشبه بإجراء تحقيقي منه سؤالا عابرا، كانت لديهم عاملة منزلية، أذهلني منادتها لصديقتي الرعناء ب"ستي" ، عدت من عندها أسأل أمي عن كل مشاهداتي، ضحكت أمي واختصرت كل الأجوبة بكلمة "هولاء سادة" !!
قبل أن يتهمني أحد بالتحريض، سأوضح هنا أني لست ضد أحد بسبب عرقه، لونه، جنسه ... الخ ، تلك عنصرية ساذجة تجاوزتها الحضارات والتقدم العلمي .
" ليس هناك بشر أفضل من بشر بالجين والولادة " ، حقيقة ناصعة كشمس الظهيرة، هناك ظروف بيئية أسرية مجتمعية إقتصادية تجعل ظروف وفرص أشخاص بالحياة أفضل من غيرهم ، ودوما هناك النوابغ الذين يبزغون من قلب المعاناة وأحلك الظروف .
نعود لصديقتي " ص " التي كنت افوقها دراسيا، وكنت أساعدها في استذكار دروسها، " ص " تقرر مصير حياتها بالزواج الحتمي بابن عمها ، " ص " كانت واقعة في غرامة ابن الجيران ، حين سألتها كيف يتم تقرير أمر بهذه الخطورة منذ الصغر وبالنيابة عنها ، أليست الأقدار الحتمية بيد الله وحده، صديقتي البائسة قالت " أن ما تعرفه أنهم منذ جيل جدتها الذي تعرفه لا أحد يتزوج من خارج العائلة !!! صديقتي كنز من المفاجآت ، لا تتوقف عن إدهاشي .
حين دخولنا المرحلة الثانوية بدأت بتحريضها على التمرد والرفض، وبدأ أهلها يجبرونها على الإبتعاد عني ، في الصف الثاني ثانوي انفصلنا تلقائيا حين دخلت تخصص أدبي وأنا علمي، "ص" تزوجت إبن عمها ... نهاية القصة !!!
الزواج من نفس الأسرة ولاجيال متعاقبة بغرض المحافظة على النقاء العرقي، وبعيدا عن المشاكل الأسرية والإجتماعية والجندرية الناجمة عنه ، الزواج من هذا النوع علميا سببا للكثير من الأمراض الوراثية ، إضافة لإنتاج أجيال أقل مناعة وذكاءا .
كيف تستقيم فكرة التفوق العرقي المنغلق على ذاته مع "الأقل مناعة وذكاءا" ؟! إضافة لوهم فكرة العرق النقي من أساسها !
الإنسان كائن مكرم بالعقل وحده، والإنسانية هي شيفرة تفوقه، والحياة هي المقدس ، التعايش والتنوع هو الأساس، بالعلم تسمو الأمم وتتفوق، لا بالدماء الزرقاء !!!
"كلكم لآدم وآدم من تراب" صدق رسول الله، وكذب أدعياء الحق الإلهي المزعوم.