الثلاثاء - 08 يوليو 2025 - الساعة 01:36 ص بتوقيت اليمن ،،،
صدى الساحل - أحمد حوذان
في مشهد يعكس حالة الإحباط العميق التي يعيشها المواطنون في العاصمة المؤقتة عدن ومدينة تعز، حيث يصارعون حرارة الصيف اللاهبة بلا كهرباء أو ماء، عقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي اليوم الاثنين اجتماعًا رفيع المستوى في قصر معاشيق.
ضم الاجتماع رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، ومحافظ البنك المركزي أحمد غالب، ورئيس الفريق الاقتصادي حسام الشرجبي. ومع أن الآمال كانت معلقة على هذا اللقاء للخروج بحلول جذرية للأزمة الاقتصادية والخدمية الطاحنة، إلا أن البيان الرسمي الصادر عنه أثار خيبة أمل واسعة، حيث خلا تمامًا من أي خطوات ملموسة واكتفى بترديد العبارات المعتادة والتركيز على "حلول ترقيعية".
وعود مكررة
اعتادت البيانات الرسمية الصادرة عن اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي والحكومة على استخدام لغة فضفاضة تتحدث عن "مناقشة المستجدات المحلية"، و"الأوضاع الاقتصادية والخدمية"، و"المتغيرات المتعلقة بأسعار العملة الوطنية"، و"مسار الإصلاحات الحكومية"، و"الإجراءات المطلوبة لتحسين وصول الدولة إلى مواردها السيادية"، و"مضاعفة التدخلات المنسقة مع مختلف الجهات للحد من وطأة الأزمة الإنسانية". جميعها عبارات باتت مكررة ومملة، ولا تحمل أي بشائر حقيقية للتغيير.
كما تطرق الاجتماع إلى "مؤشرات الأداء الاقتصادي، وخطة الإنفاق المعتمدة للوفاء بالتزامات الدولة، بما في ذلك انتظام دفع مرتبات الموظفين، واستدامة الخدمات الأساسية، وخصوصًا توفير المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء الحكومية".
هذه النقاط الحيوية، التي تمثل عصب حياة المواطن، لم يُقدم بشأنها أي خارطة طريق واضحة أو آليات تنفيذ محددة، تاركة المواطنين يتساءلون عن جدوى هذه الاجتماعات.
اعتراف بالعجز واستجداء للدعم الخارجي
واستمع المجتمعون إلى "إحاطات من رئيس مجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، ورئيس الفريق الاقتصادي حول المؤشرات المالية والنقدية، في ضوء استمرار توقف الصادرات النفطية، وانعكاساتها الكارثية على الأوضاع المعيشية، والتدابير المتخذة لاحتواء تداعيات ممارسات المليشيات الحوثية الإرهابية المدمرة للاقتصاد الوطني".
هذه الإحاطات، رغم وصفها للواقع الكارثي، لم تتبعها أي خطط استراتيجية لمواجهة التحديات الهائلة التي تفرضها الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتصرفات الحوثيين.
وكالمعتاد، كرر العليمي عباراته الإنشائية بالتشديد على "أهمية مضاعفة الجهود الحكومية من أجل الوفاء بالالتزامات الحتمية للدولة، والمضي قدمًا بالإصلاحات الشاملة، وتعزيز دور البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية، واستخدام أدواته لكبح التضخم، ودعم موقف العملة الوطنية".
هذه العبارات، التي طالما ترددت على مسامع اليمنيين، باتت تثير السخرية أكثر من الأمل، في ظل استمرار التدهور على الأرض.
"التحدي الأهم" بلا حلول: استغاثة للسعودية والإمارات
وجدد العليمي "التأكيد أن الملف الاقتصادي والخدمي سيبقى التحدي الأهم للمجلس والحكومة، وفي صدارة أولوياتهما القصوى".
ومع ذلك، لم تُقدم أي رؤية لكيفية مواجهة هذا التحدي "الأهم" بعيدًا عن الاعتماد على الدعم الخارجي. ولم يغفل العليمي في بث رسائل "الاستجداء" إلى كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، عبر الإشادة بدورهما و"تدخلاتهما الاقتصادية، والإنمائية والإنسانية"، والتي قال إنها كانت "عاملاً رئيسيًا في استمرار وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية خلال السنوات الماضية".
هذا الاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية، رغم أهميتها، يكشف عن غياب استراتيجية اقتصادية وطنية مستقلة قادرة على توليد الموارد واستدامتها.
"حلول ترقيعية"
الجديد الوحيد الذي أشار إليه الاجتماع كان حديث رئيس الوزراء عن "الحلول الترقيعية" التي اتخذها اجتماع الحكومة أمس الأحد لاحتواء أزمة الطاقة الكهربائية. تمثلت هذه الحلول في "توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات التوليد في العاصمة المؤقتة عدن، ورفع مخصصاتها اليومية من النفط الخام والمازوت".
وتُعد هذه الإجراءات، وإن كانت ضرورية بشكل عاجل للتخفيف المؤقت من أزمة الكهرباء التي تنهك المواطنين في عدن وتعز على حد سواء، مجرد مسكنات لا تعالج المرض الأصلي.
إنها لا ترقى إلى مستوى الحلول الجذرية للأزمة الاقتصادية الشاملة التي تعصف بالبلاد، وتترك المواطنين يواجهون صيفًا قاسيًا بلا بصيص أمل حقيقي في تحسن الأوضاع.