شئون دولية

السبت - 15 فبراير 2020 - الساعة 11:21 ص بتوقيت اليمن ،،،

برلين

تتواصل التحذيرات الأوروبية من تكرار السيناريو السوري في ليبيا، خاصة مع خرق الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق لقرارات مجلس الأمن الأخيرة، ومع إصرار النمسا على عرقلة مبادرات الاتحاد الأوروبي لفرض احترام حظر الأسلحة على ليبيا، الأمر الذي يحبط أوروبا وخاصة ألمانيا المتوجسة من إبقاء مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا مجرد حبر على ورق.

أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أهمية انخراط الاتحاد الأوروبي في حل النزاع الليبي، في خطوة تعكس إصرارا أوروبيا على إيجاد دور قوي في الملف الليبي، رغم تراجع الآمال في تطبيق مخرجات مؤتمر برلين الأخير حول ليبيا في ظل مواصلة الميليشيات خرق إطلاق النار من جهة، ومع تمسك النمسا بعرقلة المبادرات الأوروبية لفرض احترام حظر الأسلحة على ليبيا من جهة ثانية.

وقال ماس الجمعة في تصريحات لإذاعة ألمانيّة إنه إذا لم ينخرط الاتحاد الأوروبي على نحو أقوى في حل النزاع الليبي، ستكون هناك في النهاية سوريا ثانية.

وذكر ماس أن الاهتمام بالشأن الليبي كبير بسبب التعلم من أخطاء النزاع السوري، وقال “أعتقد أن هناك الكثير من التطورات التي حدثت في سوريا خلال الأعوام الماضية دون مساهمة من المجتمع الدولي الغربي”.

وأعرب ماس أيضا عن اعتقاده بأن “هناك تسوية حاليا بين تركيا وروسيا في هذه الحرب”، مضيفا أنه “من الضروري التأثير على أطراف النزاع”، ومشيرا إلى أنه “سيُجرى فعل ذلك خلال المحادثات مع وزيري الخارجية الروسي والتركي خلال مؤتمر الأمن الدولي في ميونخ الذي بدأت أشغاله الجمعة”.




ونفى ماس انتقادات بأن قمة برلين بشأن ليبيا التي انعقدت منتصف الشهر الماضي ظلت بلا نتائج، وقال “الأمر لم يصل إلى حد عدم الالتزام بالقرارات”، موضحا في المقابل أنه “كان من الواضح للجميع أن هذه ستكون عملية طويلة وشاقة”.

وتعكس تصريحات ماس قلقا أوروبيا من فشل مخرجات مؤتمر برلين، ما يعني تراجع الدور الأوروبي في إدارة الملفات الإقليمية ومعالجة الأزمات الدولية، في حين تصر تركيا على اقتحام الملف الليبي على شاكلة الملف السوري.

وكان من الواضح أن القمة التي عقدت في برلين بشأن ليبيا الشهر الماضي، لا يمكن أن تكون سوى خطوة أولى على طريق طويل نحو السلام في هذا البلد الذي تمزقه حرب أهلية منذ فبراير 2011.

وأشار ماس إلى ذلك في المؤتمر الصحافي عقب ختام القمة يوم 19 يناير الماضي، حيث قال “لقد عثرنا، إن صح التعبير، على المفتاح الذي يمْكننا به حل الصراع الليبي، وعلينا الآن وضع المفتاح في القفل، وأيضا تحريك المفتاح لفتح القفل”.

ومن المنتظر أن يستقبل ماس يوم الأحد وزراء خارجية الدول التي شاركت في قمة برلين، وذلك على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، الذي انطلق الجمعة، لمراجعة نتائج القمة بعد مرور نحو أربعة أسابيع على تنظيمها.

ووفق مراقبين كانت النتائج متواضعة، حيث ظل مفتاح السلام في ليبيا متعثرا، وعصيا على التحريك، وهو ما عكسته التطورات الميدانية، وخرق الميليشيات لقرار وقف إطلاق النار.

ويجمع المتابعون على أن الأمل الذي أحياه مؤتمر برلين تحول في بعض الجوانب إلى خيبة أمل مريرة.

وعبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن استيائه من هذه النتائج بالقول “أشعر بإحباط شديد جراء ما يحدث في ليبيا، وأرى أن ما يحدث فضيحة”.

كما عبر رئيس مؤتمر ميونخ للأمن، فولفجانج إيشنجر، عن هذه الحقيقة بشكل مشابه، قائلا ”سيداتي وسادتي، عندما أفكر في قرارات مؤتمر برلين بشأن ليبيا، تسوء حالتي”.

وفي بداية الأمر، أي عقب مؤتمر برلين، هدأت المعارك في ليبيا بعض الشيء، ولكن الهدنة هشة، وهو ما يؤدي إلى اشتباكات صغيرة من وقت لآخر.

وتجددت المعارك الخميس بين طرفي النزاع الليبي في جنوب العاصمة طرابلس، رغم تبني مجلس الأمن الدولي الأربعاء قرارا يطالب بـ”وقف دائم لإطلاق النار”.

وأوضح مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي العميد خالد المحجوب في تصريحات صحافية، الخميس، أن” ميليشيات طرابلس تخرق اتفاقيات وقف إطلاق النار، حيث استهدفت العاصمة بالقذائف كما شنت هجوما على قوات الجيش الليبي”.

وعن الهدف الكامن وراء هذه الهجمات، بين المحجوب أنها “ترمي إلى تأليب الرأي العام ضد الجيش الوطني الليبي، واتهام قواته بالمسؤولية وراء مثل هذه الانتهاكات للاتفاقات”.

ولم تكن الهدنة هي الهدف الحقيقي من وراء قمة برلين، بل كان الهدف إنهاء التدخل الخارجي، وذلك لأن الصراع تحول منذ زمن طويل إلى حرب بالوكالة، خاصة مع توسع دعم تركيا وقطر لحكومة فايز السراج بالذخيرة والسلاح.

ورغم أن هناك حظرا أمميا على وصول الأسلحة إلى ليبيا منذ بداية الصراع في عام 2011، إلا أن دولا مثل تركيا وقطر تنتهك هذا الحظر منذ ذلك الحين أيضا.

وقد اتفق المشاركون في مؤتمر ليبيا على إنهاء هذه الحالة.

ويمر طريق تحقيق حظر الأسلحة عبر مجلس الأمن الدولي في نيويورك، والذي يستطيع، على سبيل المثال، إصدار قرار بفرض عقوبات ضد الأطراف التي تنتهك الحظر.

ولكن المباحثات في هذا الشأن لم تؤد إلى نتيجة حتى الآن، حيث ترفض النمسا دعم المبادرات الأوروبية لفرض احترام حظر الأسلحة على ليبيا.

وتواصل النمسا عرقلة استئناف العملية البحرية للاتحاد الأوروبي المكلفة بمراقبة الحظر المفروض على إرسال الأسلحة إلى ليبيا، حسب ما ذكرته مصادر أوروبية الجمعة.

واعترف مسؤول أوروبي طلب عدم كشف هويته بأن اتصالات على أعلى مستوى تُجرى لتسوية هذه القضية لكنها لم تسفر عن أي نتيجة حتى الآن.

وسيعقد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل في هذا الشأن الإثنين.

وصرح دبلوماسي آخر بشأن الهدف الجديد الذي كلفت به بعثة الاتحاد الأوروبي التي تحمل اسم صوفيا، بأن “النمساويين يواصلون رفض نشر سفن ويؤكدون أنهم يلقون دعم المجريين”.

وكان رئيس الوزراء النمساوي سيباستيان كورتز صرح لصحيفة ألمانية مطلع فبراير بأن “هذا لن يحدث”. وأضاف أن “صوفيا كانت دائما مهمة إنقاذ وأصبحت مدخلا للآلاف من المهاجرين السريين إلى أوروبا”.

ورفضت النمسا والمجر باستمرار المشاركة في التكفل بالمهاجرين الذين تقوم مهمة صوفيا بإنقاذهم بموجب جهود الإغاثة في عرض البحار. ويعترض البلدان أيضا على التضامن داخل الاتحاد الأوروبي لإعادة توزيع المهاجرين.

واقترح وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل منطقة عملانية معدلة لنشاطات السفن الأوروبية التي تكلف بمراقبة الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على نقل الأسلحة إلى ليبيا. ويفترض أن تجري هذه العمليات في عرض البحر خارج الطرق التي يسلكها مهربو المخدرات.

لكن النمساويين يرفضون هذه الحجج، كما قال محادثوهم في تصريحات صحافية. وذكروا أنه “بهذا الموقف تسمح النمسا بترك البحر لآخرين ولا تساعد على خفض حدة الأزمة في ليبيا”.

وكان الاتحاد الأوروبي أطلق مهمة صوفيا في 2015 بهدف مكافحة تهريب المهاجرين ومراقبة الحظر المفروض من الأمم المتحدة على إرسال أسلحة إلى ليبيا.