كتابات وآراء


الجمعة - 13 أغسطس 2021 - الساعة 01:05 م

كُتب بواسطة : علي مغربي الاهدل - ارشيف الكاتب



- قبل أكثر من مليون سنة استقر في تهامة ومنها انطلق الى أصقاع المعمورة

توالت مؤخراً الكثير من الدراسات العلمية القائمة على الإكتشافات الآثارية والحفريات الإركولوجية المدعمة بالأدلة العلمية التي تؤكد أن منطقة شرق أفريقيا الموازية للساحل التهامي ، هي موطن البشر الأول ومنها تفرقوا في أصقاع الأرض .
منذ أن بدأت أطالع تلك الدراسات وأتابعها بشغف ، وأنا لدى اعتقاد من خلال الثقافة الشعبية التي تمتلكها تهامة (لغة ، رواسب معتقد ، فلكلور ، عادات ، تقاليد ، مسميات جغرافية ، ثقافة )....الخ .
جزء من هذه الثقافة يوحي بقدمه وبدائيته الضاربة في عمق التاريخ ، شك لم يكن يرقى الى اليقين أن هذه المنطقة( تهامة) الواقعة على ساحل البحر الأحمر المقابل للساحل الأفريقي ، هي الموطن الثاني للبشر الأوائل ، الذي بدأ فيه الأنسان الأول بداية نشاطه التاريخي ، وخطواته الأولى نحو الوعي .
وتباعا صدرت العديد من الدراسات التي بدات تؤكد أهمية هذه المنطقة وتعود بتاريخها الى العصور الحجرية الأولى وعصور ماقبل التاريخ بعد كان الجميع لايعرف من تاريخ تهامة سوى تاريخها المرتبط بظهور الإسلام ودويلات العصر الإسلامي .
وعلى الرغم من أن هذه الدراسات والكشوفات التي تمت قليلة قياساً بما تحويه هذه الأرض في باطنها من تاريخ لكنها أماطت اللثام عن جزء من تاريخ هذه المنطقة وعادت بها الى عصور ماقبل التاريخ .
مؤخراً صدرت دراسة علمية للباحثين اليمنيين الدكتور عبده عثمان غالب أستاذ الآثار والأنثروبولجيا - بجامعة صنعاء ، والدكتور سامي شرف محمد غالب الشهاب أستاذ الآثار والعمارة المساعد - جامعة أزال للتنمية البشرية - خبير الآثار في الهيئة العامة للآثار والمتاحف - اليمنية بعنوان ( تهامة في عصور ماقبل التاريخ وصلاتها الحضارية بشرق أفريقيا ) تم نشرها في مجلة القلزم العلمية للدراسات الآثارية والسياحية ، العدد الثاني ، ذو القعدة 1442 هجرية ، يونيو 2021 .
وبناء على المعطيات والإكتشافات الأثرية التي نفذت في عدد من مواقع السهل الساحلي التهامي من قبل عدد من البعثات الآثارية في أوقات سابقة والتي تم الكشف فيها عن عدد مت التلول الصدفية والمراوح الحصوية الساحلية والأراضي الداخلية التى احتوت بداخلها على كثير من المحار والأصداف والأدوات الحجرية المصنوعة من الرهوليت والأبيسيدان والبازلت ، واواني فخارية تؤرخ الى العصر الحجري القديم ، والعصر الحجري الوسيط والحديث ، وأخرى تعود الى العصر البرونزي والحديدي عصور ماقبل الإسلام. .
وقد ناقشت هذه الدراسة الصادرة من خلال المخلفات المادية لمجتمعات الصيادين والجامعين الآوائل الدليل الأثري حول فرضية هجرت البشر الأوائل من والى قارة افريقيا ، والطرق التي سلكها المهاجرون الأوائل أثناء خروجهم الى البر العربي في قارة آسيا (تهامة ) وانتشارهم منها صوب الشرق الى حضرموت والى مأرب والجوف والى بقية مناطق اليمن والجزيرة العربية .
وقد أخذت الدراسة أحدث الفرضيات العلمية لعلماء ماقبل التاريخ التي تفسر وتجيب على التساؤل المطروح حول كيف وصلت تلك الأدوات البدائية للبشر الآوائل الى غرب قارة آسيا ؟ حيث تقول انه بعد ظهور " الإنسان منتصب القامة " بزمن قصير في شرق أفريقيا غامرت مجموعات من هذا الجنس البشري حوالي 1,500,000 سنة ، وخرجت من قارة أفريقيا الى قارة آسيا ، ووصلت تحديدا الى الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية (نطاق تعز) من ساحل تهامة ، ومن منطقة تهامة انتشرت الى بعض مناطق الجزيرة العربية .
وقد سلكت هذه المجاميع البشرية في خروجها الى الساحل التهامي مضيق باب المندب من منطقة جيبوتي حاليا
وفي رأي بعض علماء الآثار والأنثروبولوجيا اصبح هذا الإنسان ( منتصب القامة ) الذي وصل الى تهامة هو اول البشر يدخل قارة آسيا .
كما تشير الدراسة وفقاً لفرضية والن (whalen) ان مجموعة الإنسان منتصب القامة الذي خرج من قارة أفريقيا الى افريقيا الى قارة آسيا حوالي 1,500,000 سنة لم تكن المياه المتمثلة في ممر باب المندب الضيق تقف عائقاً أمامه على افتراض أن هذا الحاجز الصغير للمياه (باب المندب) كان ضيقاً جداً في بداية عصرالبليستوسين وان المياه لم تكن آنذاك تعيق هذا الجنس البشري (هومو إريكتوس ) من العبور بأي نوع من الأطواف فالأحداث الجليدية التي حدثت خلال الفترات الجليدية الفاصلة من عصر البيستوسين ، يجعل اليابسة آنذاك الواقعة على الساحل التهامي تمتد الى جزيرة بريم اليمنية التي تبعد 20 كيلومتر عن الساحل الأفريقي في منطقة جيبوتي ، كما ان الزحزحة التي حدثت للجزيرة العربية في العصور القديمة أنقصت المسافة من 6 الى 7 كيلومترات اخرى ، جمخلفة بذلك مسافة 8 الى 9 كيلومترات فقط التي كانت تفصل قارة أفريقيا عن قارة آسيا وهو امر يجعل عبور الجنس البشري (هومو إريكتوس ) مضيق باب المندب امرا مقبولاً .
ولاشك ان هذا الإنسان الذي عبر من الساحل المقابل في افريقيا الى الساحل التهامي استقر فترة طويلة من الزمن في المناطق الساحلية والأجزاء الداخلية من سهل تهامة وبدا بممارسة نشاطه الإنساني والتاريخي ، وعلى هذه الرقعة الجغرافية تشكلت ثقافة الإنسان الأولى من لغة ومعتقد وثقافة وغيرها من نشاطات وثقافات الإنسان الأولى التي مازالت تهامة تحتفظ بصور كثيرة منها في ذاكرة الأرض والإنسان تمثل مختلف مراحل التاريخ
وبعد فترة طويلة من استقرار هذا الجنس البشري كما تؤكدها المخلفات واللقى الأثرية والدلائل العلمية التي وجدت في منطقة تهامة وتعود الى تلك العصور الموغلة ، وبعد اكتشافه الزراعة خلال الفترة التي سكن واستقر فيها عند مصاب الأودية وأقدام الجبال
بدا بالصعود نحو الجبال واتجه كما تشير الدراسة الى مارب والجوف وحضرموت وانحاء متفرقة من اليمن والجزيرة العربية ليعود اليمنيون وفي مقدمتهم قدماء التهاميين بهجرة عكسية الى شرق أفريقيا خلال الألف الثاني قبل الميلاد والانتشار من تهامة واليمن عموما الى أنحاء وأصقاع متفرقة من المعمورة .