شئون دولية

الإثنين - 20 مارس 2023 - الساعة 12:54 م بتوقيت اليمن ،،،

المكلا

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر إلى "ساحة معارك فقهية غير مباشرة" بين عدد من الدعاة حول ما يسمى بـ"الديانة الإبراهيمية"، بعد بيان صدر عن مجمع البحوث الإسلامية، بينما يوضح المشرف العام للفتوى بالأزهر، موقف المؤسسة الدينية من هذا اللغط.

معركة فقهية؟
السبت، أصدر "مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر"، بيانا يعلن فيه "الرفض القاطع لدعاوى دمج الديانات الثلاث تحت مسمى "الديانة الإبراهيمية".

وقال المجمع إن تكوين كيان عقدي يجمع الديانات السماوية الثلاثة في دينٍ واحد تحت مسمى (الديانة الإبراهيمية) وما يرتبط بها من بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد بمقولة إن ذلك يعد مدخلًا سريعًا للتعاون الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات في العالم، يمثل "خطرا على الدين والدنيا معا".

وفي الوقت ذاته أكد البيان أن "حرية اختيار المعتقد، لا تمنع التواصل الإنساني مع أتباع الديانات الأخرى والتعاون معهم على البر والتقوى وليس على الإثم والعدوان، لأنهم أهل كتب سماوية، والتعامل معهم على أساس العدل والاحترام المتبادل مما يدعو إليه الإسلام"

وتابع "لا يجوز الخلط بين احترام عقائد الآخرين والإيمان بها، لأن ذلك الخلط سيؤدي إلى إفساد الأديان والتعدي على أثمن قيمة كفلها الله للإنسان، وهي حرية المعتقد، والتكامل الإنساني فيما بين البشر".

وأشار المجمع إلى أن الحديث عن وحدة الأديان أو ما يسمى (الدين الإبراهيمي)، "لا يتفق مع أصول أي دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه، ولا مع طبيعة الخلق وفطرتهم التي تقوم على الاختلاف في اللون والعرق وحرية العقيدة".

وأكد المجمع أن انفتاح الأزهر على المؤسسات الدينية داخل مصر وخارجها، إنما هو انفتاح غايته البحث عن المشتركات الإنسانية بين الأديان السماوية والتعلق بها لانتشال الإنسانية من أزماتها المعاصرة.

والأحد، أصدر المجمع "بيانا توضيحيا"، مؤكدا فيه أن مبادرات الأخوة الانسانية، وبناء دور عبادة مستقلة لغير المسلمين لأداء شعائرهم مع الحفاظ على هوية كل دين وخصوصيته واستقلاليته، "لا يعد دمجا للأديان".

وأوضح المجمع أن "مشروع بيت العائلة الذي يمثل أحد مبادرات الأخوة الإنسانية وهو عبارة عن مسجد مجاور لكنيسة وكنيس، يفصل بين دور العبادة لكل دين على حدة في المبني والمعني".

وفي فبراير 2023، دشنت الإمارات "بيت العائلة الإبراهيمية"، ليكون منارة جديدة للحوار والمعرفة، وصرحا ثقافيا ضمن منطقة السعديات الثقافية بالعاصمة أبوظبي، وفقا لوكالة الأنباء الإماراتية "وام".
ويضم بيت العائلة الإبراهيمية دور عبادة ثلاثة، هي مسجد الإمام أحمد الطيب، وكنيسة البابا (فرانسيس)، وكنيس (موسى بن ميمون)، وتتيح هذه المرافق الثلاثة للزوار فرصة الاستفادة من الخدمات الدينية التي توفرها، وممارسة شعائرهم وعباداتهم، كما يمكنهم حجز الجولات الإرشادية، والمشاركة في الاحتفالات الدينية، والاطلاع على المعتقدات الإيمانية والدينية المختلفة، حسب "وام".

وأكد مجمع البحوث الإسلامية أن "تجاور دور العبادة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية قديم وموجود في كبرى المدن والعواصم الإسلامية وليس أمرا مبتدعا".

وتسبب البيانان المتتابعان في ضجة بمواقع التواصل في مصر، وتحدث الداعية المصري، عبدالله رشدي، عن مزج الملل في عقيدة واحدة تحت اسم "الديانة الإبراهيمية".

وقال رشدي عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، إن المزج "غير ممكن عقلا لتنافي وتضاد هذه الملل فيما بينها ولا هو ممكن شرعا لاستلزام هذا المزج الإخلال بعقائد الإسلام والرضا بما يُخالف عقيدة التوحيد"، مضيفا "انتبهوا".

مجمع أم ديانة جديدة؟
تحدث المشرف العام على الفتوى بالأزهر ووكيله السابق، عباس شومان، عن كثرة اللغط حول ما يسمى بـ"الديانة الإبراهيمية"، قائلا "أوقن بأنها إشاعة لم ولن يقلها أو يقبلها مسلم لا في الإمارات ولا غيرها".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يفرق شومان بين "تدشين الإمارات لبيت العائلة الإبراهيمية" وبين الحديث عن "دمج الأديان في دين واحد".

ويرفض الأزهر "الديانة الإبراهيمية" حال وجودها، لكن تدشين "مجمع يضم مسجد وكنيسة ومعبد" لا يعد جمعا بين الأديان، ولا يؤسس لدين جديد، وفقا لحديث شومان.

ويوضح شومان أن مصر لديها بالفعل "مجمع الأديان"، وكذلك "بيت العائلة المصرية" والذي يضم ممثلين عن الأزهر والكنيسة.

ويشير إلى أن "الدين الإسلامي يعترف بالمساجد والمعابد والكنائس"، موضحا أن "النبي محمد تعامل مع أصحاب الديانات الأخرى وجمعه بهم علاقات وعهود ومواثيق ولهم حقوق وعليهم واجبات".

ووجود مسجد وكنيسة ومعبد في مباني منفصلة داخل مجمع واحد، "لا يعد دمجا بين الأديان أو تأسيسا لدين جديد"، وفقا لشومان.

ويقول شومان "في مصر مساجد بجوارها كنائس بالمئات، ولا يعد ذلك جمعا للأديان ولا يتعبد المسلم بالكنيسة ولا المسيحي بالمسجد".