اخبار وتقارير

الجمعة - 23 مايو 2025 - الساعة 07:49 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - كتب : حسين الشدادي





في الوقت الذي أعلنت فيه شرطة محافظة تعز، عبر مركزها الإعلامي الرسمي، عن ضبط "معمل لتصنيع الخمور" في منطقة دبع، وإلقاء القبض على أحد المتورطين في تعاطيها وتصنيعها وترويجها، كشفت مصادر محلية مطلعة وشهود عيان عن رواية مغايرة تماماً، تفيد بأن ما جرى لم يكن سوى تلفيق متعمد ومكيدة مدبرة من قبل نافذين في المنطقة، بهدف تصفية حسابات شخصية.

رواية الأجهزة الأمنية: معمل خمور وضبط قانوني

نقل مركز الإعلام الأمني بتعز عن النقيب ياسين الأكحلي، مدير مركز شرطة الصافية، أن عملية الضبط جاءت نتيجة "رصد ومتابعة دقيقة"، وبالتنسيق مع وكيل نيابة الشمايتين، حيث تمت مداهمة المعمل في منطقة دبع، وضبط كمية من الخمور، إلى جانب الشخص القائم على تشغيل المعمل.

وأضاف الأكحلي أن المتهم أُودع الحجز وتم تحرير محاضر جمع الاستدلالات تمهيداً لإحالته إلى الجهات المختصة، داعياً المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية في مكافحة الأنشطة المحظورة.

لكن الصور التي تم نشرها في البيان الإعلامي الأمني أثارت تساؤلات واسعة بين الأهالي والمهتمين، حيث أظهرت المضبوطات على شكل أدوات لا تمت بصلة بصناعة الخمور: ترمس ماء يحتوي على خميرة طعام، وجالون يحتوي على حمض النيتريك، وعدد من الهواتف المكسرة.

الرواية الأخرى: مكيدة مدبرة واستهداف ممنهج

وفقاً لشهادات متقاطعة من أهالي منطقة دبع وشهود عيان، فإن المواطن "خالد" – المتهم في القضية – هو في الحقيقة مهندس كهرباء، مبدع ومعروف بين أبناء المنطقة، وكان يعمل على مشروع شخصي لصناعة خلية طاقة شمسية، مستعيناً ببعض المواد الكيميائية والأجهزة التالفة.

وبحسب هذه المصادر، فإن خالد يمتلك مزرعة قات في دبع، وكان قد شهد قبل عامين ضد شقيق شخص نافذ في المنطقة يُدعى "ضياء" في قضية قتل. ومنذ ذلك الحين، بدأ التوتر يحيط بعلاقته مع هذا المتنفذ، الذي – بحسب الرواية المحلية – سعى للانتقام منه.

قبل أسبوع من الحادثة، اقتحم ضياء مزرعة خالد واعتدى عليه، وجرى تحرير بلاغ رسمي موثق بالشهود ضد ضياء، لكنه لم يؤخذ بعين الاعتبار نتيجة علاقة الأخير الوثيقة بمدير القسم. بل وتطورت الأمور حين قام ضياء، برفقة شخصين، بالصعود إلى سطح غرفة الماطور في مزرعة خالد أثناء نومه، ووضعوا مادة مجهولة داخل ترمس الماء الخاص به – وفقاً لشهادات محلية.

لاحقاً، عاد ضياء برفقة طقم أمني، واعتقل خالد من داخل مزرعته بعد الاعتداء عليه وتربيطه، بتهمة تصنيع الخمور. وقد بدت هذه التهمة – بحسب كثير من الأهالي – بمثابة ستار قانوني لتصفية الحسابات القديمة، لا سيما في ظل التضارب الصريح بين ما أُعلن من المضبوطات، وما تُستخدم فيه فعلياً تلك المواد.

شبهات وتناقضات

اللافت في القضية أن المضبوطات التي عرضتها شرطة تعز لا تُستخدم إطلاقاً في تصنيع الخمور، حيث أن "حمض النيتريك" يُعد مادة خطرة تستخدم في التطبيقات الصناعية وليس له علاقة بصناعة الكحول، كما أن وجود هواتف مكسرة وخميرة طعام في ترمس ماء لا يمكن أن يُبرر تهمة إنشاء "معمل خمور".

وتطرح هذه التناقضات تساؤلات حول نزاهة التحقيقات وشفافية الإجراءات القانونية المتخذة بحق خالد، خصوصاً أن هذه ليست المحاولة الأولى لإحضاره بالقوة، حيث سبق أن تم استدعاؤه إلى القسم بحجة "الزكاة الضريبية"، واحتجازه، ثم الإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة.

دعوات لتحقيق نزيه

العديد من أبناء منطقة دبع وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي طالبوا بإجراء تحقيق محايد وشامل في هذه القضية، مؤكدين أن استمرار مثل هذه الأساليب في تلفيق التهم لمواطنين أبرياء، تحت غطاء القانون، يُقوض الثقة بالأجهزة الأمنية ويعزز من سلطة المتنفذين على حساب العدالة.

وأكد بعضهم ضرورة فتح تحقيق فوري مع كل من شارك في الاعتداء على المواطن خالد، سواء بالتحريض أو بالتنفيذ أو بالتواطؤ مع النافذين، مطالبين النيابة العامة ووزارة الداخلية بسرعة التدخل وإعادة الاعتبار للرجل، إن ثبتت براءته، ومحاسبة المتسببين في الإساءة إليه.

الأمن مسؤولية لا وسيلة تصفية حسابات

ما بين الرواية الرسمية التي تتحدث عن إنجاز أمني، والرواية المحلية التي تكشف عن مكيدة دنيئة، تبقى الحقيقة مرهونة بفتح تحقيق نزيه لا يخضع لضغوط أو تدخلات، وتحقيق العدالة للمتضررين.

فالأمن يجب أن يكون في خدمة المواطن، لا أداة في يد النافذين لتصفية خصوماتهم، وإلا فإننا نعود إلى مربع الفوضى الذي عانى منه اليمنيون كثيراً.

#العدالة_أولاً
#صدى_الواقع_اليمني
#تعز