اخبار وتقارير

الثلاثاء - 27 مايو 2025 - الساعة 07:25 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - بقلم الإعلامي/ منور مقبل






منذ أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن، لم تكن الحرب مجرد صراعٍ على الأرض أو السلطة فقط، بل تحولت إلى معادلة اقتصادية مشوهة تُعيد توزيع الثروة وفق قاعدة القوة لا وفق مبادئ العدالة والشرعية. ففي ظل الانهيار المتسارع للنظام المالي والتجاري في اليمن، بدأت مليشيا الحوثي في تحويل المؤسسات المدنية إلى أدوات للابتزاز الاقتصادي، حيث لم يعد النشاط التجاري مُستقلًا عن النزاع السياسي، بل أصبح امتدادًا للهيمنة العسكرية والاقتصادية.

هذه الديناميكية ليست جديدة في التاريخ السياسي، إذ لطالما استخدمت الأنظمة السلطوية الاقتصاد كأداةٍ مركزيةٍ لضبط المجتمع، عبر فرض الجباية القسرية، وإعادة هيكلة الأسواق بطريقة تُعزز من نفوذها. وفي النموذج الحوثي، لم يعد النشاط الاقتصادي يُدار وفق منطق السوق الحر، بل أصبح خاضعًا لمعادلات الولاء والتبعية، حيث تُفرض الإتاوات والضرائب دون أي مبررات قانونية، ويُستخدم المال ليس كأداة لتنمية المجتمع، بل كوسيلةٍ لإطالة أمد النزاع وتمويل المجهود الحربي للمليشيا. لكن ما الذي يُمكن أن يفسر هذه الظاهرة للجماعة الحوثية ؟

إذا نظرنا إلى نظريات السلطة والاقتصاد، سنجد أن كل نظامٍ سياسيٍ، حين يصل إلى حالةٍ من الأزمات، لا يسعى إلى الإصلاح، بل يتحول إلى كيانٍ طفيليٍ يُعيد إنتاج الهيمنة عبر استنزاف الموارد العامة. وهذا ما يؤكده فلاسفة السياسية، فالسلطة لا تُمارس فقط عبر القوانين أو المؤسسات، بل عبر التحكم في تدفق الثروة والمعرفة، بحيث يكون المجتمع مُقيّدًا اقتصاديًا، وغير قادرٍ على مقاومة النفوذ السياسي والسلطوي القائم.