صدى الساحل - بقلم: نزار الخالد
في مثل هذا اليوم، منذ أعوام، كانت تعز على موعد مع تطهير قانوني مسؤول لساحة الفوضى، أو ما كانت تُسمى آنذاك ساحة صافر، التي تحولت بفعل أطراف مشبوهة إلى وكر للتمرد على القانون، ومركز لتغذية العنف والتحريض على الدولة ومؤسساتها، بتمويل مباشر من دولة عربية وأخرى إسلامية، معروفة بتدخلاتها السافرة في الشأن اليمني.
لقد كانت المهمة التي قامت بها القوات المسلحة والأمن، واجب وطني واستجابة لنداء العقلاء في تعز، ممن اكتووا بنيران الفوضى، وعانوا من قطع الطرق، وابتزاز التجار، وترويع الأهالي، واغتيال المعارضين، وتحويل ساحة يفترض أن تكون سلمية إلى منصة تحريض وعنف وممارسة القضاء البديل بعيداً عن سلطة الدولة.
أكذوبة "إحراق الساحة": كذبة بحجم جريمة
خرجت علينا حينها أبواق الكذب، وصنّاع الفتنة، بادعاءات فجّة لا تخلو من الصلافة السياسية والدجل الإعلامي، متهمين القوات المسلحة والأمن بـ"إحراق الساحة بمن فيها"، وهي فرية كبرى لم تثبتها أي لجنة تحقيق، بل كذّبها الواقع والشهود.
وكرجل مسؤول كنت آنذاك الناطق الرسمي لمحافظة تعز وعضو اللجنة الإعلامية الرسمية، نزلت إلى الساحة فور عملية التطهير مباشرة، ولم أرَ حينها أي آثار لحريق يستهدف بشراً أو خيامًا مأهولة. الحريق الوحيد الذي تم تسجيله كان في خيمة المحامين التي كانت تحتوي على ملفات وأوراق تدين بعض القائمين على الساحة، ممن أجروا "تحقيقات" و"محاكمات" بعيداً عن القضاء، في سلوك لا يمت للدولة ولا للمدنية بصلة.
لجنة التحقيق الدولية: الشهود أحياء يرزقون
عندما حاول قادة الفوضى آنذاك تأليب الرأي العام بادعاء "محرقة"، وذكروا أن خيمة "ذو الهمم" قد أُحرقت بمن فيها، تم إحضار الأسماء التي قيل إنها توفيت، وكانت المفاجأة أنهم أحياء يُرزقون، تم عرضهم أمام لجنة التحقيق الدولية التي زارت المدينة، وهو ما تم توثيقه رسميًا، مما يُسقط تلك الأكذوبة التي لا تزال بعض الأبواق تكررها حتى اليوم، كما لو كانت تُمارس طقوس التعلق بالخرافة لا بالحقائق.
لماذا طُهّرت الساحة؟ الجرائم التي لا تُنسى
لو تم فتح تحقيق نزيه وشفاف في أسباب عملية تطهير ساحة صافر، لكانت النتيجة إدانة واضحة وصريحة لقادة الفوضى الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة، منها:
القتل العمد لبعض المواطنين بحجج "الثورة" أو "العمالة"، دون أي محاكمات قانونية.
إنشاء "سجون" داخلية لتعذيب المخالفين وترويع سكان الحي.
عرقلة عمل المحاكم ومؤسسات الدولة، وفرض نظام موازٍ مشبوه، تدعمه دول خارجية بأجندات تقسيم وتمزيق.
هؤلاء لا يمكن وصفهم بالثوار أو النشطاء، بل عصابات اختطفت الحراك الشعبي وحوّلته إلى أداة للدمار.
من الأكاذيب إلى الخراب الوطني
كفى أيها السادة. أما آن لهذا الوطن أن يتنفس من بين ركام أكاذيبكم؟ أما آن لليمنيين أن يدركوا حجم الخديعة التي قادتهم إلى التمزق، وسلّمت صنعاء للحوثي بلا طلقة واحدة، تحت وهم الثورة المختطفة وشعارات الكذب المزيفة؟
لقد أدت أكاذيب "ساحة صافر" ورفيقاتها إلى:
تقسيم الجغرافيا اليمنية وتفكيك النسيج الاجتماعي.
فتح الباب على مصراعيه أمام الحوثي لاقتحام مؤسسات الدولة.
تخدير الشارع اليمني بشعارات لم تنتج سوى الجثث والمآسي والتشرد.
كلمة أخيرة
أكتب هذه الشهادة للتاريخ، لا لمحاباة طرف أو تسجيل موقف سياسي. أكتبها من موقع المسؤولية والمشاركة الفعلية في تلك الأحداث. وليعلم الجميع أن الوطن لا يُبنى بالكذب، ولا بالتحريض، ولا بالتحالف مع الخارج، بل بالحقيقة، والشفافية، ومصارحة الشعب.
إن تطهير ساحة صافر كان بداية لاستعادة هيبة الدولة، وليس جريمة كما يروج تجار الدم والكراهية.
وستثبت الأيام أن التاريخ لا يرحم الكاذبين، ولا أولئك الذين باعوا الوطن في سوق الأوهام.
بقلم: نزار الخالد – الناطق الرسمي السابق لمحافظة تعز وعضو اللجنة الإعلامية بالمحافظة