السبت - 21 يونيو 2025 - الساعة 04:36 م بتوقيت اليمن ،،،
صدى الساحل - متابعة خاصة
حين يسقط الإنسان إلى هذا الدرك من القسوة، وتُستباح كرامة المرضى والمقهورين باسم الخير… نكون أمام مأساة لا يجب أن تمر بصمت.
عبدالله حمادي، رجل من محافظة لحج، طحنت جسده الخلايا الخبيثة، وقعده السرطان على فراش الألم منذ ثلاثة أشهر. لا يملك شيئًا سوى قلب مملوء بالأمل، وعين تترقب رحمة من السماء، بعدما ضاقت به الدنيا. فجأة، جاءه اتصالٌ بدا كأنه منقذٌ من الغرق: رجل يدّعي أنه مندوب لجمعية خيرية تُعنى بمرضى السرطان، يُدعى علي حسن قحطان قايد، من أبناء مديرية العدين، محافظة إب.
قال له بثقة مصطنعة وكلمات مخدّرة: "سنتكفل بعلاجك، وسفرك، وكل ما يلزمك. فقط هناك شرط بسيط: تذكرة المرافق على حسابك." تمسّك عبدالله بهذا الوعد كما يتمسك الغريق بآخر خيط نجاة، وسارع بإرسال تقاريره الطبية كما طُلب منه. وفي اليوم التالي، تلقّى منه بشرى الموافقة، وحدد له موعد السفر: الخميس، 18 يونيو 2025.
ولم يكن ينقص المشهد سوى الطعنة الأخيرة. طلب النصاب مبلغ 2000 ريال سعودي، بحجة حجز تذكرة المرافق. لم يتردد عبدالله، فاتصل بأخته، التي باعت ما تملك من ذهب، وأُرسل المبلغ عن طريق ابنها باسم المدعو. وأكّد فرع القطيبي للصرافة أن المبلغ تم استلامه في محافظة تعز.
جاء يوم الخميس، وانتظر عبدالله، ينتظر أن يُنقل من فراش العجز إلى أمل الحياة. اتصلوا بالنصاب، فقال ببرود قاتل إن التذاكر ستتأخر ساعة أو اثنتين، ثم أغلق هاتفه، واختفى.
تواصلت مع عبدالله بعد ذلك، فكان صوته يرتجف من القهر، تغصّ كلماته بالبكاء. لم يكن الألم في ضياع المال، بل في الطعنة التي جاءت من حيث ينتظر الرحمة. إنها جريمة مكتملة الأركان، ونموذج بشع لانحدار إنساني لا مثيل له.
ما حدث لعبدالله ليس حادثة عابرة، بل جرس إنذار مدوٍ. الصمت أمام هذه الجرائم خيانة للإنسانية، وتخاذل عن نصرة المظلومين. نطالب بمعرفة هذا الشخص ومحاسبته فورًا. نناشد الجهات الأمنية التحرك السريع، ونطلب من الإعلاميين والناشطين أن يتبنّوا هذه القضية بكل قوة.
لن نسمح لهذا النوع من الوحوش البشرية أن يلوّث وجه المجتمع، ويتاجر بآلام الناس. يجب أن يصل صوت عبدالله إلى كل ضمير حي، وإلا سنكون جميعًا شركاء في جريمة الصمت.