صدى الساحل - بقلم / ياسر غيلان
في لحظة سياسية بالغة الرمزية، برز اسم الشيخ عثمان مجلي، عضو مجلس القيادة الرئاسي، كأحد وجوه الشرعية اليمنية في قمة الجامعة العربية الـ34 التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد، ليتحول حضوره إلى رسالة سياسية صادمة لمليشيات الحوثي، ومؤشر بالغ الأهمية على المسار الجديد الذي تنتهجه الدولة اليمنية.
مجلي ليس مجرد عضو في قيادة الدولة؛ بل هو أحد أعمدة القبائل الصعدية، وواحد من أوائل الذين واجهوا مشروع الحوثي منذ ولادته الأولى. حضوره في قمة إقليمية بهذا الحجم يمثل تجسيدًا للشرعية العائدة من قلب المعركة، والرافضة لأي تقسيم أو هيمنة ميليشاوية.
ففي الوقت الذي يرزح فيه قادة المليشيات الحوثية تحت وطأة العزلة السياسية، ويختبئون خلف السلاح والخطاب المتطرف، كانت مشاركة مجلي دليلاً على أن الشرعية تتحرك بثقة في المحافل الإقليمية والدولية، حاملة صوت الشعب اليمني التوّاق للحرية والدولة.
وما يجعل الرسالة أكثر وقعًا أنها انطلقت من العراق، البلد الذي تنشط فيه جماعات ومنصات محسوبة على المشروع الإيراني الداعم للحوثيين. ومع ذلك، ظهر الوفد اليمني بقيادة شخصيات كعثمان مجلي كممثل للدولة اليمنية الواحدة، الرافضة لوصاية السلاح والمليشيات.
فمشاركة مجلي ليست مجرد موقف بروتوكولي، بل امتداد لمعركة طويلة تخوضها الشرعية من أجل استعادة القرار اليمني المسلوب، وتحقيق السلام المبني على المرجعيات الثلاث، وليس على استرضاء جماعات العنف.
الرسالة تقول: من كان يظن أن صعدة كلها تحت قبضة الحوثي، فهو واهم. ومن يراهن على تفكك الصف الجمهوري، فهو خاسر. ومن يحلم بأن اليمن سيسكت عن مصادرة دولته، فهو يقرأ المشهد بالمقلوب.
الختام: بغداد ليست للحوثي... واليمن ليست للمليشيات
مجلي في بغداد لم يكن مجرد شيخ من صعدة في وفد رسمي؛ بل كان صوت اليمن العميق، وصورة الدولة التي لا تزال تقاتل من أجل البقاء، لا من أجل السلطة فقط، بل من أجل الكرامة الوطنية والقرار الحر.
في عالم تتقاطع فيه المصالح وتتغير فيه الولاءات، تبقى مثل هذه اللحظات شهادات تاريخية على أن اليمن لم يسقط، ولن يسقط، ما دام فيه رجال بحجم عثمان مجلي... يقفون في وجه الطغيان، في بغداد، كما وقفوا في جبال مران.