اخبار وتقارير

الأربعاء - 25 يونيو 2025 - الساعة 05:45 م بتوقيت اليمن ،،،

صدى الساحل - بقلم - أحمد حوذان

من وجهة نظري أن توقف المواجهة الأخيرة بين إيران وخصومها لا يكون ناتجًا عن قوة إيرانية ذاتية، بل عن رغبة أطراف إقليمية ودولية في الحفاظ على دور إيران كـ"وكيل مطلق" في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والإسلامية.

فإيران بما تملكه من شبكة نفوذ وأذرع إقليمية بنتها منذ سنوات بمساعدة حلفاء الأمس الذين تحولوا إلى أعداء اليوم، تُعد أداة رئيسية تستخدمها قوى معينة لإبقاء الشرق الأوسط في حالة مستمرة من الفوضى والاضطراب.

فأي نصر قد يُنسب لإيران في هذه المواجهة يُعتبر نصرًا مزيفًا، مُصممًا خصيصًا للحفاظ على "هيبة" طهران في المنطقة، وبالتالي ضمان استمرار دورها كعامل إرباك. ولذلك من وجهة نظري أن من يتصور هذا "الانتصار" أو يصدقه، لا يدرك الأبعاد الحقيقية للمعادلة الإقليمية المعقدة، ويفتقر إلى رؤية عميقة للتحركات الجيوسياسية.

ولهذا قد تجد القوى الكبرى مصلحة استراتيجية في الإبقاء على حالة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مستخدمة لاعبين إقليميين مثل إيران لتحقيق هذه الغاية، ومستفيدة من التشتت والاضطراب والانهيار المحتمل.

وبالتالي، يُفسر أي "انتصار" أو "تراجع" لإيران في هذا السياق على أنه جزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى استدامة التوتر، بدلًا من حل النزاعات بشكل جذري يهدد مصالح هذه القوى، التي لا ترغب في رؤية الشرق الأوسط مستقرًا.

فهم الحرب أكثر
فهم الحرب: ترامب يختطف النصر في صراع الـ12 يومًا

ولذلك فان الحرب المباشرة التي استمرت
اثني عشر يومًا بين إسرائيل وإيران، يبرز هنا دور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلاعب محوري.

"اختطاف النصر"
اختطف ترامب النصر مرتين؛ الأولى بقصف قاعدة فوردو النووية الإيرانية، والثانية بإعلانه المفاجئ لوقف إطلاق النار عبر منصة "إكس".

هنا فرض ترامب قواعد اشتباك خاصة به منحت طرفي الصراع فرصة لإفراغ ما تبقى من حمولات الطائرات والمنصات خلال 12 ساعة فقط. وجاء إعلانه بعد ساعات قليلة من ضربة شكلية شنتها إيران على قاعدة العديد الأمريكية في قطر، وهي ضربة لم تحدث أي ضرر، وربما من وجهه نظري كمتابع للاحداث وقراءتي لتحليلات الكثير من المحللين أنها تمت بتنسيق مسبق مع الأمريكيين والقطريين كمحاولة لحفظ ماء وجه النظام الإيراني ورسالة أخيرة قبل التوقف.
تعالو للفهم أكثر عن حصاد المواجهة: أرقام الخسائر والسيناريوهات المحتملة المترتبة في حال فشلت

خلال الأيام الـ12، شنت إسرائيل نحو 200 غارة جوية استخدمت فيها 300 ذخيرة دقيقة، مستهدفة أكثر من 150 موقعًا نوويًا وصاروخيًا. تم تدمير حوالي 120 منصة إطلاق صواريخ، ومعاقل قيادية للحرس الثوري، مما أدى إلى تدمير نحو 30% من القدرات الصاروخية الإيرانية.

في المقابل، أطلقت إيران ما يزيد على 400 صاروخ باليستي وأكثر من 1000 طائرة مسيرة ضد إسرائيل. وسجلت الدفاعات الإسرائيلية اعتراض حوالي 70% من الصواريخ، وأغلقت المطارات الإسرائيلية مؤقتًا كإجراء وقائي.

الخسائر البشرية والمالية:

إيران: قُدرت الخسائر الأولية بين 950 و1000 قتيل (بمن فيهم مدنيون، 30 قائدًا عسكريًا، 17 عالمًا نوويًا)، و3400 جريح.

إسرائيل: أكثر من 28 قتيلًا، ونحو 600 مدني مصاب. كما نتجت أضرار مادية كبيرة في البنى التحتية كالمستشفيات والمناطق السكنية.

التكلفة المالية: أنفقت إسرائيل نحو 12 مليار دولار، بينما تراوحت تكلفة الحرب على إيران بين 20 إلى 30 مليار دولار، تشمل تدمير بنيتها النووية والصاروخية وتكاليف الإغاثة.

مؤشرات التهدئة والمسارات المستقبلية
تتضح مؤشرات تهدئة وقف إطلاق النار من خلال: القبول الفوري للطرفين بقرار ترامب، رد إيران الرمزي من قطر لضبط المعادلة، وقف الضربات الإسرائيلية، وتأييد دولي واسع من قوى كبرى مثل بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، الاتحاد الأوروبي، وموسكو وبكين.
في ظل هذه المؤشرات، تبرز ثلاثة سيناريوهات محتملة:

السيناريو الأول: اتفاق دبلوماسي شامل: يعتمد على الهدنة الحالية بوساطة دولية تشمل مراقبة صارمة للنووي الإيراني، وبداية لمرحلة تفاوضية جديدة.
السيناريو الثاني: هدنة طويلة ضعيفة: تتسم بصراع استخباراتي وسيبراني وتبادل منخفض للصواريخ والطائرات.

السيناريو الثالث: انهيار الهدنة وعودة التصعيد: في حال فشلت الوساطات أو اعتُبر الرد الإيراني غير كافٍ، مما قد يستفز إسرائيل أو يؤدي لتدخلات إقليمية.
مع دخول وقف النار حيز التنفيذ، تتشكل أمام العالم فرصة نادرة لكبح نزيف الدم في المنطقة من خلال تحجيم خطر إيران ودورها، واجتثاث أذرعها التي أشعلت المنطقة بالصراعات والفوضى.